بتأسيس بنية الفكر والثقافة كمشكلة حضارة لصلاح العالم الإسلامي، وطوى - على ما يبدو - نهائيا نشر كتابه هذا حول القضية اليهودية، إذ تركه لجيل قادم عسى أن تكون رؤيته قد نضجت في مرحلة ملائمة.
من هنا اهتم قبل وفاته بسنوات ثلاث بدور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين، وذلك عبر محاضراته التي ألقاها في دمشق ونشرت تحت عنوان (مجالس دمشق)، ففي هذه المحاضرات طرح مشكلة العالم الإسلامي في محور طنجة - جاكرتا في بداية السبعينيات، من زاوية تزكي
حضور الجيل المسلم كما سائر القوى والشعوب في صنع الحدث على المستوى العالمي، ذلك أن العالم كله أصبح - كما قال في كتابه (الفكرة الإفريقية الآسيوية) - في مسار واحد نحو المصير، وذلك ما لم يدركه الفكر الإسلامي الذي ما زال مطبوعا بعقد تاريخ الحضارة الإسلامية، وهذا ما حجب عنه النظرة النقدية للتراث التي تفتح أبواب المواجهة لما وراء أكمة السر الخفي؛ الذي حاول فيه طرح المشكلة اليهودية كواقع فاعل في مسيرة العصر.
لقد توفي بن نبي عام ١٩٧٣ وكان كتب مقدمة لنشر كتاب (وجهة العالم الإسلامي) الجزء الأول أكد فيها أن العالم الاسلامي منذ نشر كتابه بالفرنسية في بداية الخمسينيات حتى عام ١٩٧٠ تاريخ تجديد الطبعة الفرنسية، لم يتقدم بأي خطوة يبنى عليها. ولذلك فهو مهدد بالمصير الذي تنبأ به في ختام كتابه الجزء الثاني وهو نهاية العالم الإسلامي.
إن سائر ما عرضناه من أسباب غياب الجزء الثاني من (وجهة العالم الإسلامي) الذي كتبه بالفرنسية والذي نترجمه إلى العربية، سوف يطرح السؤال مجددا بصورة معاكسة: وإذن لماذا نعمد اليوم إلى نشره مترجما إلى العربية؟
في الواقع هذا السؤال مطروح، وقد تداولت مع أصدقائي من تلاميذ