وينتج عن هذه الإيحاءات التي تسلطها على مشاعره من وقت إلى آخر المختبرات الخاصة، أنها ترفع توترات الدفاع عن النفس فوق الدرجة اللائقة حتى يكون الفرد في حالة شاذة، ويمكن أن نقول دون تردد إن هذه الدوافع المنطلقة في حالة غير عادية نتيجة الإيحاءات السلبية هي التي جعلت المسلم فيها منبوذ القرن العشرين، أي الشخص الذي يعيش على هامش المجتمع العالمي.
ويصف بن نبي ما يلاحظ بشأنه فعلا حينما نراقب سلوك المسلم في المناطق الخارجة عن دار الإسلام أو القائمة على حدوده، أي في مناطق الاتصال بعالم الآخرين، نجده يسلك غالبا مسلك المتهم أو المتهم؛ أي مسلك الفرد الذي يعيش خارج المجتمع العالمي في القرن العشرين، وذلك ما يلقي ثقلا على مصيره في الوقت الذي يتقرر فيه مصير العالم بإجماع الإنسانية.
هذه النقطة التي أوردها مالك بن نبي في كتابه (الصراع الفكري في البلاد المستعمرة) عام ١٩٦٠ نجد صورتها في الأحداث الحاضرة؛ حيث المراصد الاستعمارية للصرع الفكري منذ بداية القرن الواحد والعشرين استطاعت بفعل القابلية للاستعمار البعيدة عن فهم العالم، وتحليل المرامي الأساسية للدفاع عن النفس، استطاعت المراصد الاستعمارية في هذا الجو النفسي أن تضع المسلم والعالم الإسلامي منبوذا، وفق تعبير بن نبي، بفعل السلوك الخارج عن حدوده، ومثاله ما جرى أو نسب إليه في ١١ أيلول/ سبتمبر، فضلا عن المبادرات الفردية التي تضعه في قفص المراصد الاستخبارية، أعني في قفص المصطلح المتداول (الإرهاب) الذي أصبح قضية في مستوى العالم غطت ما يجري في فلسطين من خطة إسرائيلية هي طابع العنصرية في أقصى درجات العداء للإسلام، هذا الدين الذي هو المرجع الأخير لوحدة الإنسانية.
من هنا نرى بن نبي قد اهتم في العقود الثلاثة الأخيرة من حياته