للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهنا لا يجب أن نتهم القيمة العينية الأصلية للإسلام، بل نتهم الرجال حين لم يدركوا ضوابط الشروط التي حققت هذا الانتشار السريع.

فالعالم الإسلامي هذه المرة يمكن أن يفشل إذا لم يلتزم المعايير والمعطيات الداخلية والخارجية للمشكلة.

فمن أجل القيام بهذه المهمة فإن العالم الإسلامي ملزم أن يتعامل ويناقش قائمة جردة التركة التي ورثها العصر الجديد، إذ ثمة معطيات محددة لا بد للثقافة الإسلامية في مهمتها الجديدة أن تستوعبها لتأخذ بعدا عالميا.

وهنا في النطاق الخاص كما في النطاق العام يجب أن تأخذ سائر الأنشطة طابع العمل المشترك المتعاون في ظل عمل تخطيطي، والدعوة للإسلام ليست استثناء في هذا النطاق.

والعالم الإسلامي ارتسمت جغرافيته كنبات المراعي، حيثما اتفق وصول أقدام الفاتحين في تبليغ الرسالة، وها هي أربعة عشر قرنا ارتسمت عبرها جغرافية العالم الإسلامي.

لكن لما هو آت؛ فالأمر يتطلب مسارا مختلفا يغرس في حقل المدى العالمي بكل دقة علمية، وفي طرق مدروسة تأخذ بعين الاعتبار سائر العوامل المقبولة والمرفوضة في مدى شعاع الدعوة، ثم يسلكها في خطة مقررة تحدد المراحل والوسائل والأهداف.

فالمسلمون المعاصرون اليوم تغيب عنهم، أو يرون بصعوبة، التشعبات البعيدة التي تفرغها مشكلات واقعية ملموسة.

ففي واقعنا الحاضر مثلا يبدو أمامنا الاستعمار، إنما بغير احتلال للأرض، ولذا فالأرض ستؤول إلينا، أما القابلية للاستعمار فمن الممكن

أن تغيب عن فكر مخطط الدعوة إلى الإسلام باعتبارها شيئا يقع وراء مشكلات الدعوة وليس أمامها. وهنا فالمشكلة التي أراها اليوم هي على العكس شيئا راهنا مشاهدا بصورة أساسية في حياتنا الآن، وعلى

<<  <   >  >>