للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قرب موقد العائلة في عشية يوم بارد بين أحفاده، يعرف موقعه، وقد أدى دوره في حلقة هذه السلسلة منذ أول خطوة في الحياة يسري به عنصره ويقوده إلى بلده القديم الذي لا ينسى.

لذا فهو يعرف أن العمل الذي يقوم به كبير، وبقدر ما هو كبير فالعمل الذي بقي لمتابعة بلوغه إلى محطه النهائي كبير أيضا، وإلا لا معنى لما يقوم به، ومع ذلك فما قدمه آباؤه قد مهد له السبيل حين تخلص من عقدة النقص ودونية آبائه، ولذا فعمله سوف يبدأ عبر ميزان عالم آبائه الذين ولدوه: إنه ميزان القوى والإمكانيات ثم الصعوبات في طريق الانتصار عليها.

فالطفل سيشعر أنه ليس إنسانا عاديا؛ فهو ليس اليهودي المبتذل -الإنديجين الأهلي كمجرد غويم (goyim) بسيط عامل من أجل يومه، بل وعلى الأكثر من أجل مرحلته، فاليهودي الذي لديه أفكار، ولتحقيقها مواقيت مدققة وبرامج لها محطها في مقاصدها البعيدة. لذا فالبرامج تتجدد كلما برزت عوامل جديدة مع التاريخ حين تغيب أخرى وقد انتهى دورها واختفت.

وإذن فالأمر يتطلب دائما البحث عن ميزان حاضر وملائم لعالم جديد. فالآلة من الوجهة التجارية جاءت ترهص بعالم التكنولوجيا، وهو عالم معقد يتطلب اختصاصا ثم رجلا يتطلع إلى مهنة يتعلمها ليصبح مؤهلا أو عاملا في نطاق التكنولوجيا، ليصبح مهندسا متخصصا وإذ هم من الغوييم الأذكياء فاليهودي يستأجرهم بأفضل الشروط سواء منهم العمال أو المهندسون.

لكن اليهودي يختار لنفسه في النهاية رأس الهرم، فهو المعلم (Patron) صاحب العمل أولا، ويمكن أن يكون هو نفسه مهندسا أو مؤهلا ذا كفاءة ويعرف مادته، لكنه سرعان ما يجد نفسه مدفوعا من القوى كافة، ليقود مسيرة عنصره نحو أوروبا، ليكون فيها صاحب العمل أو رئيس عمال يستأجر الأيدي والكفاءات لدى الأوروبيين من حوله

<<  <   >  >>