ففي حال تمام هذا الوثاق الجديد في العالم المتحضر فإن سائر النظم التربوية ووسائلها؛ وهي: الكتاب المدرسي وكتاب التاريخ بصورة رئيسة، ودور النشر - السينما - الراديو ... وهي كذلك جميعها يهودية.
وفي ظل حرارة كهذه (على الخصوص العشرينيات والثلاثينيات) فإنك ستنحو إلى الاعتفاد بينك وبين نفسك، أو يبدأ الشك في اليقين الذي أنت عليه، أما الذين هم أكثر صلابة فهم أقل انجرارا، لكن محدثك الذي يشيع حولك هذا المناخ المادي إذا أنت استشعرت في هذه المكاشفة
ريبة، فسوف يدهشك أن الرجل الذي يدعو إلى المادية وترك الإسلام أو المسيحية هو متمسك لا شعوريا برباطه الديني سواء كان الإسلام أو المسيحية (١).
لقد كان الجو في تلك الفترة طاغيا ومرددا بكثرة وإلحاح عبر الوسائل المسيطرة، حتى لو أن سبينوزا عاش في هذا العصر الذي طرح فيه هذا السؤال لاختار - دون تردد - المادية كدين ظاهر.
باختصار المساء الكبير (le grand soir) جاء، واليهودي يرى العالم يسير برضى منه نحو الخطة السوفييتية.
أما في المستوى الخاص: فمهما بدا من المبادرة الرأسمالية في وول ستريت من تمويل الخطة السوفييتية فإنها تعني عمليا عملا هو من رحم اليهودية وابتكارها وذلك هو ظاهر المشهد. إذ نرى في النهاية أن أول بلاد أضحت شيوعية هي روسيا، وهي بلد ليس فيه رأسماليون يهود.
ويهود أمريكا أرسلوا رؤوس أموالهم لإقراض الدولة السوفييتية وفي ضمانها، تحت توقيع تروتسكي عبر وول ستريت التي لا تثمر أموالها
(١) وكذلك اليهودي إذا التقيت به اليوم فسوف يدعوك للاقتناع بما يخالف إيمانه لأن المشكلة مرجأة إلى زمن بعيد بالنسبة إليه في العالم كما سوف يراه.