للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه وزعم أن نفسه غيره كما أن خلقه غيره، وهذا لا يتوهمه ذو لب وعلم فضلاً عن يتكلم به. (١)

وهذا واضح البطلان - أعني زعم الجهمية- الذين يزعمون أن الله لا يوصف بالضمير، وهو منفي عن الله كما نقل ذلك عنهم الإمام الدارمي -رحمه الله- حين رد على بشر المريسي، فقال: وادعى المعارض أن الله لا يوصف بالضمير والضمير منفي عن الله، وهي كلمة خبيثة قديمة من كلام جهم، عارض بها قوله تعالى: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} المائدة ٧٦، يدفع بذلك أن يكون الله تعالى سبق له علم في نفسه من الخلق وأعمالهم قبل أن يخلقهم.

قال أبو سعيد: "وقول جهم هذا أصل كبير في تعطيل النفس والعلم السابق، ثم قال -رحمه الله- فإذا اجتمع قول الله وقول الرسولين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم فمن يكترث لقول جهم والمريسي وأصحابهما؟ فنفس الله هو الله والنفس مجمع الصفات كلها، فإذا نفيت النفس نفيت الصفات، وإذا نفيت الصفات كان لا شيء (٢) ".

قال الراغب الأصفهاني (٣) في مفرداته: "نفسه ذاته وهذا وإن كان قد حصل من حيث اللفظ مضاف ومضاف إليه يقتضي المغايرة وإثبات شيئين من حيث العبارة فلا

شيء من حيث المعنى سواه سبحانه عن الأثنوية من كل وجه (٤) ".


(١) التوحيد ١/ ١٩.
(٢) عقائد السلف صـ ٥٥٠ - ٥٥٢.
(٣) الحسين بن محمد الأصفهاني، أديب من الحكماء، له عناية بغريب القرآن، (ت ٥٠٢ هـ) الأعلام (٢/ ٢٥٥).
(٤) مفردات الأصفهاني صـ ٥١١.

<<  <   >  >>