للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثله الإمام الأشعري قال: قد علم الله عز وجل نبيه الشرائع والأحكام والحلال والحرام ولا يجوز أن يعلم ما لا يعلمه، فكذلك لا يجوز أن يعلم الله نبيه ما لا علم له به، تعالى الله عن قول الجهمية علواً كبيراً. (١)

وهكذا الإمام البخاري -رحمه الله- بوب بالآيات الدالة على علم الله الأزلي، قال ابن بطال: في هذه الآيات إثبات علم الله تعالى وهو من صفات ذاته خلافاً لمن قال عالم بلا علم. (٢)

وأورد الإمام البيهقي آيات وأحاديث الباب وغيرها، وقال: كان الأستاذ أبو إسحاق الاسفرايني (٣) يقول من أسامي صفات الذات ما هو للعلم، منها العليم ومعناه يعلم جميع المعلومات، ومنها الخبير يعلم ما يكون قبل أن يكون، ومنها الحكيم يعلم دقائق الأوصاف، ومنها الشهيد ويختص بأن يعلم الغائب والحاضر، ومعناه لا يغيب عنه شيء، ومنها الحافظ ويختص بأنه لا ينسى ما علم، ومنها المحصي ويختص أنه لا تشغله الكثرة عن العلم. (٤)

وبهذه المعاني اللائقة بالله فسر الإمام الطبري -رحمه الله- وغيره من أئمة السلف الآيات التي استشهد بها البخاري وبوب بها فقال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا} الجن ٢٦، أي عالم ما غاب عن أبصار خلقه فلم يروه، فلا يظهر على غيبه أحدا فيعلمه أو يريه أياه، إلا من ارتضى من رسول فإنه يظهره على ما شاء من ذلك. (٥)


(١) الإبانة للأشعري صـ ١١١. وقد أفاض - رحمه الله- في مناقشتهم هناك.
(٢) الفتح ١٣/ ٣٧٤.
(٣) إبراهيم بن محمد بن مهران، عالم بالفقه والأصول، كان ثقة في رواية الحديث وله مناظرات مع المعتزلة، (ت ٤١٨ هـ) الأعلام (١/ ٦١).
(٤) الأسماء والصفات صـ ١٤٤.
(٥) الطبري ٢٩/ ١٢١.

<<  <   >  >>