للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: هو واجب بالجملة وهو قولٌ للخطابي وأبي فرج المقدسي. (١)

والموجبون للنظر يقولون هو: أول الواجبات، ومنهم من يقول بل القصد إلى النظر هو أول الواجبات. وقال أبو هاشم بل الشك أول الواجبات. (٢)

وهناك من فصَّل فقال: يجب النظر في حالٍ دون حال، وعلى شخص دون شخص فوجوبه من العوارض التي تجب على بعض الناس في بعض الأحوال لا من اللوازم العامة فيقال: كل علم وجب ولم يحصل إلاّ بالنظر وجب فيه النظر.

وأما إذا حصل ضرورة أو حصل بدون النظر ولم يكن العلم واجباً لم يكن النظر فيه واجباً. وذكر ابن تيمية: أن هذا أعدل الأقوال وكلام الأئمة والسلف إنما يدل عليه. (٣)

ومعرفة الخالق فطرية وإنما تكون نظرية عند من فسدت فطرته فاحتاج إلى النظر والبرهان ومن المعلوم من دين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يوجب هذا النظر على الأمة، ولا أمرهم به. بل ولا سلكه هو ولا أحد من سلف الأمة في تحصيل هذه المعرفة، ولو كان النظر واجباً لكان أول ما يجب على الرسل دعوة قومهم إليه وهذا مما علم فساده من دين الإسلام. (٤)

والفطر تعرف الخالق بدون الآيات والأدلة الفعلية لأن معرفة الدليل تستلزم تصور المدلول عليه قبل ذلك، كما أن معرفة الاسم تقتضي تصور المسمى من قبل حتى تمكن المطابقة وتتم المعرفة. (٥)


(١) عبد الواحد بن محمد الشيرازي شيخ الشام في وقته، حنبلي له مؤلفات جليلة (ت ٤٨٦ هـ) الأعلام (٤/ ١٧٧).
(٢) المواقف صـ ٣٢.
(٣) الرسائل الكبرى لابن تيمية ٢/ ٣٤٧، ٣٤٨.
(٤) انظر الفتاوي لابن تيمية ١٦/ ٣٣٠.
(٥) مدرارج السالكين ١/ ٥٩ - ٦٠.

<<  <   >  >>