للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما نقل ذلك الحافظ بن حجر عن أحد كبار الأشاعرة فقال: " وقد أعترف أبو جعفر السمناني وهو من رؤوس الأشاعرة وكبارهم بأن هذه المسألة من مسائل المعتزلة بقيت في المذهب" (١) وهنا يبين تأثير المعتزلة على الأشاعرة.

والذي بوب له البخاري رحمه الله تعالى من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى التوحيد هو الذي نُقل عن السلف الصالح والأئمة الأعلام فقد أخرج الإمام الهروي (٢) في كتابه (ذم الكلام) بسنده عن الإمام الشافعي رحمه الله، قال: سئل الإمام مالك عن الكلام والتوحيد فقال مالك: "محال أن يظن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه علَّم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" فما عصم به المال والدم حقيقة التوحيد. (٣)

وقال الشافعي رحمه الله تعالى: القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة إلا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله (٤)، وهذا هو الذي يفهم من تبويب الإمام البخاري.

فأحاديث الباب دالة على ذلك فحديث معاذ وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أول ما تدعوهم إليه) وحديث (حق العباد على الله أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)، والشرك ضد التوحيد. وحديث (فضل سورة الإخلاص) وهي التي تحتوي على أصول التوحيد وإفراد الله بأنه الواحد الأحد الصمد. والنصوص تؤيد ذلك فمنها ما أخرجه الإمام أحمد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-


(١) فتح الباري ١/ ٧٠، ١٣/ ٣٤٨.
(٢) عبد بن أحمد بن محمد ابوذر الهروي، عالم من الحفاظ من فقهاء المالكية، (ت ٤٣٤ هـ) الأعلام (٣/ ٢٦٩).
(٣) اعتقاد الأئمة الأربعة د. عبد الله الخميس صـ ٢٥.
(٤) اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم صـ ١٦٥، ومختصر العلو للذهبي صـ ١٧٦.

<<  <   >  >>