للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أنَّ التدبر أُمر به عامة الناس للانتفاع بالقرآن والاهتداء به، ولذلك خوطب به ابتداءً الكفار في آيات التدبر، والناس فيه درجات بحسب رسُوخ العلم والإيمان وقوة التفاعل والتأثر.

وأما التفسير فمأمور به بحسب الحاجة إليه لفهم كتاب الله تعالى بحسب الطاقة البشرية، والناس فيه على درجات أيضًا.

٣ - أنَّ التدبر لا يحتاج إلى شروط إلا فهم المعنى العام مع حسن القصد وصدق الطلب، ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر ١٧]، أمَّا التفسير فله شروط ذكرها العلماء، لأنه من القول على الله، ولذا تورع عنه بعض السلف.

ومما ينبغي التأكيد عليه: أن يُعلم أنَّ الناس على درجات متفاوتة في التدبر بحسب آلاتهم وإمكاناتهم، فليس تدبر العالم المتبحر في الشريعة كتدبر العامي، ولكل درجات، والله يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم.

على أن كثيرًا من الناس قد يتجرأ على كتاب الله تعالى فيفسره بمعهود قومه، أو بما يهجم على خاطره من المعاني، وقد يسمي ذلك (الخواطر أو التأملات أو التدبر أو غير ذلك)، وهذا من الخطأ ومجانبة للصواب.

فلا بد من العلم أنَّ الله تعالى حين شرع التدبر للناس لم يشرع لهم أن يتجرؤوا على كتابه، بل هذا أمر لهم بتحصيل الآلة المعينة على تدبر القرآن.

والتأثُّر بالقرآن يحصل للمتدبر، وقد لا يحتاج الإنسان لكي يتأثر بالقرآن إلى تأمل عقلي، أو حتى إلى معرفة عميقة بالدلالات، بل إنَّ بعض المشركين، وبعض الأعاجم يقع عنده من التأثر بالقرآن مع عدم معرفة المعنى، إذ للقرآن سطوة على النفوس!

<<  <   >  >>