للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكم ممن زين له سوء عمله، فقُلبت عنده الحقائق، فصارت الشمس مظلمة، والعذب ملحًا أجاجًا، وصرت عندما تخاطبه كأنك تنفخ في غير فحم، وكأنك تقدح بزند مُصْلَد، وهذا لعمري هو الداء العَيَاء، نسأل الله العافية!.

(٣) ﴿وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن﴾ [فاطر: ٣٤].

عبَّروا عن كل ما دون الجنة بالحزن، إذ كل سعادة قبل الجنة عابرة.

المؤمن في المنظور القرآني لا ينتظر البلاء، ولا تتوقف حياته على الخوف منه، لأن غاية الدنيا إلى انقضاء، وانقضاء الحياة للمؤمن حَسَن الظن بربه = نهاية التعب والآلام، وبداية النعيم الأبدي، والراحة السرمدية.

ولذلك عبر أهل الجنة عما دونها بقولهم: ﴿وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن﴾ [فاطر: ٣٤].

المؤمن يعلم أنَّ الله جعل البلاء من سنن الدنيا، والبلاء في الدنيا له صور وأشكال متعددة:

فقد يُبتَلى الإنسان بالخير كما يُبتَلى بالشر.

﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٥].

والمطلوب منه حال نزول البلاء، أن يذكِّر نفسه بأنه راجعٌ إلى الله، حينئذٍ يهون عليه المصاب: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦].

وإذا نزل البلاء بالمؤمن كان نظره للآخرة، وللجزاء الذي أعده الله للصابرين، ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠].

والبلاء ينزل ومعه اللطف الذي يشاهده أهل البصيرة ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [يوسف: ١٠٠].

<<  <   >  >>