للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«وحقيقةُ التلاوةِ هي التلاوةُ المطلقةُ التَّامَّةُ، وهي تلاوةُ اللفظِ والمعنى؛ فتلاوةُ اللفظِ جزءُ مُسمى التلاوةِ المُطلقةِ، وحقيقةُ اللفظِ إنما هي الاتباعُ، يقال: اتلُ أثر فلانٍ، وتلوتُ أثرهُ، وقفوتُهُ وقصصتُهُ، بمعنى تَبعتُهُ، ومنه قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢)[الشمس ١: ٢]، أي: تَبعَها في طلوع بعد غَيبتها، ويُقال: جاءَ القومُ يتلو بعضهم بعضًا، أي: يتبع، ويُسمَّى تالي الكلام تاليًا، لأنَّهُ يُتبِعُ بعضَ الحروف بعضًا، لا يُخرجُها جُملةً واحدةً، بل يُتبِعُ بعضها بعضًا مُرتبةً، كُلَّما انقضى حرفٌ أو كلمةٌ أتبعهُ بحرفٍ آخرَ وكلمةٍ أُخرى، وهذه التّلاوةُ وسيلةٌ وطريقٌ.

والمقصودُ: التِّلاوةُ الحقيقيةُ، وهي: تلاوَةُ المعنى واتِّباعُهُ؛ تصديقًا بخبرهِ وائتمارًا بأمرهِ، وانتهاءً عن نهيهِ، وائتمامًا به، حيثُما قادكَ انقدتَ معه، فتلاوةُ القُرآنِ تتناولُ تلاوةَ لفظهِ ومعناهُ، وتلاوةُ المعنى أشرفُ من مجرَّد تلاوةِ اللفظِ، وأهلُها هم أهلُ القرآن الذين لهم الثناءُ في الدنيا والآخرة، فإنهم أهلُ تلاوةٍ ومتابعةٍ حقًّا» (١).

جاء هذا الكتاب ليرفع عنَّا قشرة الجهل بهذا الكتاب، لكي يكون هاديًا مع الهداة للدلالة على هذا الكتاب المجيد.

وقد جعلته في سؤال وجواب، اتِّباعًا لسنة جبريل ، في سؤاله النَّبي عن الإسلام والإيمان والإحسان، وإثارة للذهن، ودفعًا للسآمة والملل، وجاء مختصرًا موجزًا في عبارته، وتوخيت - قدر وسعي - أن تكون عبارته ميسرة ليصلح لعموم القراء.


(١) مفتاح دار السعادة، ابن القيم: (١/ ٢٠٢).

<<  <   >  >>