للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا ترى أن خواص البدع غير ظاهرة في أهل البدع الجزئية غالبًا؟ كالفُرْقة والخروج عن الجماعة، وإنما تقع الجزئيات في الغالب كالزلة والفلتة؛ ولذلك لا يكون اتباع الهوى فيها مع حصول التأويل في فرد من أفراد الفروع، ولا المفسدة الحاصلة بالجزئية كالمفسدة الحاصلة بالكلية. فعلى هذا؛ إذا اجتمع في البدعة وصفان: كونها جزئية، وكونها بالتأويل؛ صح أن تكون صغيرة» (١).

فإذا كان من البدع ما هو في حكم الصغائر كما هو واضح من كلام الإمام الشاطبي، فيعني ذلك أنَّ منها ما لا يصل إلى حد الفسق؛ ومن المعلوم أنَّ الإنسان لا يُفسَّق بالصغائر، وإلا لزم من ذلك تفسيق جميع المسلمين؛ لأنَّ الصغائر لا يسلم منها أحد.

•قوله: «لَعَلَّكَ تُفْلِحُ» أي: إذا فعلت ما أمرتك به في هذه الوصايا الثلاث، فأرجو لك الفلاح والسعادة في الدارين، وهذه الثلاث هي: «التمسك بكتاب الله، والاتباع للنبي - صلى الله عليه وسلم -، واجتناب البدع» فإذا حقق المسلم هذه الثلاث فحري به أن ينال الفوز في الدارين.

وأما الذين خالفوا الكتاب والسنة واشتغلوا بالكلام وانحرفوا عن الحق، فقد جانبوا طريق الفلاح، كما قال الإمام الشافعي: «ما ارتدى أحد الكلام فأفلح» (٢).


(١) الاعتصام (٢/ ٥٤٩).
(٢) حلية الأولياء (٩/ ١١١)، وشرح السنة للبغوي (١/ ٢١٧)، وتحريم النظر في كتب الكلام ص (٤١).

<<  <   >  >>