[باب ذكر قول يا عدو الله أو يا فاسق أو يا كافر ونحوه]
" ٥٧ " باب ذكر قول يا عدو الله أو يا فاسق أو يا كافر ونحوه
١١٥ - عن أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعا «لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك» رواه البخاري.
ــ
(١١٥) صحيح البخاري الأدب ١٠ / ٤٦٤ رقم ٦٠٤٥.
قال الحافظ في الفتح.
وهذا يقتضي أن من قال لآخر أنت فاسق، أو قال له أنت كافر، فإن كان ليس كما قال، كان هو المستحق للوصف المذكور، وأنه إذا كان كما قال لم يرجع عليه شيء. لكونه صدق فيما قال، لكن لا يلزم من كونه لا يصير بذلك فاسقا ولا كافرا إلا يكون آثما في صورة قوله له أنت فاسق بل في هذه الصورة تفصيل. إن قصد نصحه أو نصح غيره ببيان حاله جاز، وإن قصد تعييره وشهرته بذلك ومحض أذاه لم يجز، لأنه مأمور بالستر عليه وتعليمه وعظته بالحسنى، فمهما أمكنه ذلك بالرفق لا يجوز له أن يفعله بالعنف، لأنه قد يكون سببا لإغرائه وإصراره على ذلك الفعل، كما في طبع كثير من الناس من الأنفة، لا سيما إن كان الآمر دون المأمور في المنزلة.
قال النووي: اختلف في تأويل هذا الرجوع. . وأرجح من الجميع أن من قال ذلك لمن عرف منه الإسلام ولم يقم له شبهة في زعمه أنه كافر فإنه يكفر بذلك، فمعنى الحديث فقد رجع عليه تكفيره فالراجح التكفير لا الكفر فكأنه كفر نفسه لكونه كفر من هو مثله، ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام، ويؤيده أن بعض طرقه وجب الكفر على أحدهما.
قال القرطبي حيث جاء الكفر في لسان الشرع فهو جحد المعلوم من دين الإسلام بالضرورة الشرعية، وقد ورد الكفر في الشرع بمعنى جحد النعم وترك شكر المنعم والقيام بحقه.