" ٨٩ " باب الخروج عن الجماعة وقول الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} الآية: [النساء: ١١٥] وقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}
١٧٤ - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعا «من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان قيد شبر مات ميتة جاهلية» أخرجاه.
ــ
(١٧٤) رواه البخاري الفتن ١٣ / ٥ رقم ٧٠٥٣، ٧٠٥٤، ٧١٤٣ ومسلم الإمارة ٣ / ١٤٦٦ رقم ١٨٣٥.
جاء في الفتح ١٣ / ٧.
المراد بخرج من السلطان قيد شبر، كناية عن معصية السلطان ومحاربته والمراد بالخروج: السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير، ولو بأدنى شيء، فكنى عنها بمقدار الشبر لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق.
والمراد بالميتة الجاهلية: حاله الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال، وليس له إمام مطاع، لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافرا بل يموت عاصيا، ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره، ومعناه أنه يموت مثل موت الجاهلي وإن لم يكن هو جاهليا، أو أن ذلك ورد مورد الزجر والتنفير وظاهره غير مراد. ويؤيد أن المراد بالجاهلية التشبيه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر «من فارق الجماعة شبرا فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه» أخرجه الترمذي وغيره.
قال النووي: وأجمع أهل السنة أن لا ينعزل السلطان بالفسق. . قال العلماء وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه لما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه.