(٦٣) وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن إذا أذنت ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستعتب صقل قلبه، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي قال الله تعالى فيه:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} »[المطففين: ١٤] . رواه الترمذي، وقال حسن صحيح.
وقال الأعمش: أرانا مجاهد بيده قال: كانوا يرون أن القلب في مثل هذا: يعني الكف فإذا أذنب العبد ذنبا ضم منه وقال بأصبعه الخنصر هكذا، فإذا أذنب، ضم وقال بأصبعه الأخرى هكذا (فإذا أذنب ضم وقال بإصبع آخر هكذا) حتى ضم أصابعه كلها قال ثم يطبع عليه بطابع، وكانوا يرون أن ذلك هو الران. رواه ابن جرير (١) عن أبي كريب عن وكيع عنه بنحوه وعن مجاهد أيضا قال: الران أيسر من الطبع. والطبع أيسر من الإقفال.
(٦٣) رواه الترمذي تفسير القرآن ٥ / ٤٠٤ رقم ٣٣٣٤ وابن ماجه الزهد ٢ / ١٤١٨ رقم ٤٢٤٤ والنسائي في الكبرى التفسير ٦ / ٥٠٩ رقم ١١٦٥٨ وأحمد ٢ / ٢٩٧ وقال الترمذي حسن صحيح.
النكت هو في الأصل أن تضرب في الأرض بقضيب فيؤثر فيها، ومعنى نكتة سوداء أي جعلت في قلبه نكتة سوداء أي أثر قليل كالنقطة شبة الوسخ في المرآة ونحوها وقيل كقطرة حبر تقطر على ورقة بيضاء ويختلف على حسب المعصية وقدرها، والحمل على الحقيقة أولى من جعله من باب التمثيل والتشبيه حيث قيل شبه القلب بثوب في غاية النقاء والبياض، والمعصية بشيء في غاية السواد أصاب ذلك الأبيض، فبالضرورة أنه يذهب ذلك الجمال منه وكذلك الإنسان إذا أصاب المعصية.
ومعنى صقل قلبه: أي جلاه أي نظفه وصفى لأن التوبة بمنزلة المصقلة تمحو وسخ القلب وسواده.
والران الغشاوة وهو كالصدأ على الشيء الصقيل.
وهذه الآية مذكورة في الحق الكفار لكن ذكرها صلى الله عليه وسلم تخويفا للمؤمنين كي يحترزوا عن كثرة الذنب كيلا تسود قلوبهم كما سودت قلوب الكفار ولذا قيل المعاصي بريد الكفر.