ومما يجدر ذكره - هاهنا - أن بعض الخصوم قد استغل ما وقع فيه شرذمة من الأعراب المتحمسين، - وفي فترة محدودة - ممن تابع هذه الدعوة من التشدد والجفاء، فحكموا بغيا وعدوانا على جميع أتباع هذه الدعوة، وعلى مر الأزمان بهذا الحكم الجائر، فرموهم أيضا بالتشدد والجفاء.
٣ - وسبب ثالث أدى إلى عداء الدعوة السلفية هو النزعات السياسية والحروب التي قامت بين أتباع هذه الدعوة وبين الأتراك من جهة، وبين أتباع هذه الدعوة وأمراء الحجاز (!) من جهة أخرى.
يقول الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله: إن سبب قذف الوهابية بالابتداع والكفر: سياسي محض كان لتنفير المسلمين منهم لاستيلائهم على الحجاز، وخوف الترك من أن يقيموا دولة عربية، ولذلك كان الناس يهيجون عليهم تبعا لسخط الدولة، ويسكتون عنهم إذا سكنت ريح السياسة.
ويوضح الشيخ محمد رشيد رضا آثار العداء السياسي بين بعض كبار أهل مكة وساستها وأنصار هذه الدعوة، فكان مما أشار إليه أن هؤلاء قد أصدروا عدة منشورات في جريدة القبلة سنة ١٣٣٦ هـ وسنة ١٣٣٧ هـ، تضمنت رَمْي الوهابيين بالكفر وقذفهم بتكفير أهل السنة والطعن بالرسول وغير ذلك من الأكاذيب والافتراءات.
وكان بعض أهل دمشق وبيروت يتقربون إلى هؤلاء الكبار - وهم من العلمانيين والقوميين - بطبع الرسائل في تكفيرهم ورميهم بالأكاذيب - ثم سرى ذلك إلى مصر، وظهر له أثر في بعض الجرائد.
٤ - وهناك سبب رابع أدى إلى تراكم المؤلفات المعادية للدعوة السلفية؛ وهو دفاع هؤلاء الخصوم - وبالأخص الصوفية والرافضة - عن معتقداتهم الفاسدة وآرائهم الباطلة؛ فإنه لما غلب على حال كثير من المسلمين ظهور الشركيات، وانتشار البدع، واستفحال الخرافات، والغلو