للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالسيف تعبدًا، بدعوى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاهد بالسيف.

وفي أثر ابن مسعود:

(( ... وَيَتَّخِذُهَا النَّاسُ سُنَّةً، حَتَّى إِذَا غُيِّرَتْ قَالُوا: غُيِّرَتِ السُّنَّةُ)) (١).

أو يرى لزوم الاجتماع للعزاء، أو التزام عادة ما، في وقت ما ... يتقرب بها إلى الله تعالى؛ كالاحتفال بليلة النصف من شعبان، أو ما أُحدث في يوم عاشوراء ... وغيرها من أيام السنة.

أو اعتياد لبس لون معين من الثياب عند المصيبة، إلى غير ذلك من العادات التي صارت سننًا متبعةً عند كثير من الناس.

أما الذين لا يَرَوْنَ دخول العادات في البدع إذا اتُّخذتْ عبادة، فيُقال لهم:

مما لا شك فيه أنه إذا قُصِدَ بعبادة مشروعة مكانٌ مخصوص، أو زمان معين، أو اخْتُرِعَ لها هيئة، ولم يَرِدْ على ذلك دليل، فإن هذه العبادة تصبح بدعة؛ كقراءة سورة في يوم معين، أو صوم يوم معين، أو صلاة في وقت مخصص.

فإذا صارت هذه العبادات بدعًا بالرغم من أن أصلها مشروع، فكيف بعادة مباحة قصد بها -تَعَبُّدًا- زمانٌ، أو مكان معين؟

لا شك - والحال هذه - في دخولها في باب البدع من باب أولى.

ومن أدلة ذلك في هذه العجالة:

قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للنفر الذين جاءوا أزواجه، فمنع أحدهم نفسه عن أَكْلِ اللحم تَعَبُّدًا، فغضب لذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: ((مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)) (٢).


(١) الدارمي (رقم ١٨٥)، وروى ابن وضاح (٥٨) معناه عن حذيفة.
(٢) مسلم (رقم ١٤٠١)، والنسائي (٣٢١٧)، وغيرهما، وأصله في البخاري رقم (٥٠٦٣).

<<  <   >  >>