وقلب الحقائق بجعل الحق باطلًا، والباطل حقًّا، والإلحاد في دين الله، وتعمية الحق على القلوب، وطلب العوج لصراط الله المستقيم، وفتح باب تبديل الدين جملة، فإن البدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها، حتى ينسلخ صاحبها من الدين كما تنسل الشعرة من العجين، فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أرباب البصائر، والعُميان ضالون في ظلمة العمى {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}[النور: ٤٠])) (١).
هذا هو كلام الإمام في خطورة البدع .. فهل فيه موعظة لمن أراد الآخرة، وأراد النجاة؟
فاحذر يا عبد الله من البدع، وَحَذِّرْ منها أَيًّا كانت، وأيًّا كان مُحْدِثُهَا، فوالله ما أفسد الأديان ودينَ النصارى مِنْ قَبْلُ إلا البدعُ، وما حصل الضلال في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا بالبدع، وما تفرقت الأمة، وتشتت شَمْلُهَا، وصارت فِرَقًا وأحزابًا إلا بالبدع.