فالأصول إنما هي: ثوابت مجردة عن الزمان، والمكان، والأعيان .. وأما ما كان متعلقًا بالزمان، والمكان، والأعيان، فَيُسَمَّى فتوى، ولا يسمى أصلًا، وهذا الذي يتغير أحيانًا بتغير الزمان، والمكان، والأعيان، بضوابط علمية واضحة.
ويوضح هذا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسليك الغطفاني لَمَّا دخل يوم الجمعة، والرسول يخطب:((قُمْ فَصَلِّ ... ))، فهذه فتوى ... وقوله:((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين))، فهذا حكم، فهو لكل زمان، ولكل مسجد، ولكل مسلم.
وللمسألة تفصيل أصولي ليس ههنا محله.
إن الخروج عن هذه الأصول والقواعد يعني إطلاقَ الْعَنَانِ للناس يعبثون بالنصوص كما يشاءون، ويفسرونها كما يشاءون، ما دام لا يوجد أصل يرجعون إليه، ولا قاعدة يعتمدون عليها، وبعد ذلك حَدِّثْ ولا حرج عن فوضى لا تُبْقِي ولا تذر، وعن الاختلافات العظيمة التي ستنشأ ... الأمر الذي يعني تعطيل شرع الله، وإبطال نصوصه.
ولولا النهي عن سوء الظن لظننا بمن يدعو إلى ذلك أسوأ الظن؛ لِمَا يترتب على ذلك من خطر عظيم على نصوص الإسلام وأحكامه، حيث تصبح هذه الدعوى منفذًا لخصوم الإسلام ... ويضحى الإسلام ملعبًا لأهواء الناس، وشهواتهم.