للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ إن لها أثرًا خفيًّا، وَسُمًّا ناقعًا، يُفسد الأخوة، والناس لا يشعرون .. وتفرق الصف، والناس لا يعلمون.

ومن غريب أثر المعاصي الخطير، وسريان سُمِّهَا الخفي، وخبث كيدها القوي، ما أشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحديثين جديرين بالتأمل:

الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فَسَوَّدَتْهُ خطايا بني آدم)) (١).

الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تواد اثنان في الله، فيفرق بينهما، إلا بذنب يُحْدِثُهُ أحدهما)) (٢).

وفي هذا الصدد -صدد أثر الذنوب- ذهب الإسلام أبعد مما ذكرنا ..

ذهب إلى إناطة بعض الحوادث الكونية بما كسبت أيدي الناس، وأن الله إنما يرسلها تخويفًا لعباده وتحذيرًا {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا}؛ ولذلك كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يضطرب إذا حَدَثَ الكسوف، ويخاف إذا هَبَّتِ الريح، ويفزع إلى الصلاة والدعاء، ويأمر بهما، وبالصدقة، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، ولكنهما من آيات الله، يخوف الله بهما عباده)) (٣).


(١) صحيح أخرجه الترمذي (٨٧٧)، عن ابن عباس، وقال: حسن صحيح، وفي الباب عن ابن عمر، وأبي هريرة، وأخرجه ابن خزيمة (٦٣٧)، إلا أنه قال: أشد بياضًا من الثلج، وصححه المنذري (٢/ ١٩٤)، وشيخنا في صحيح الجامع (٦٧٥٦).
(٢) حديث صحيح لغيره، أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٤٠١)، عن أنس، وأحمد (٢/ ٦٨)، عن ابن عمر، وأبو نعيم في الحلية (٥/ ٢٠٢)، عن أبي هريرة، والحديث صحيح بمجموع طرقه، راجع الصحيحة (٦٣٧).
(٣) أخرجه البخاري (٢/ ٢٣)، ومسلم رقم (٩٠١) واللفظ له، وغيرهما.

<<  <   >  >>