للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصفح؛ لئلا يكون انتصارهم ذريعةً إلى وقوع ما هو أعظم مفسدة من مفسدة الإغضاء، واحتمال الضيم .. ومصلحة حفظ نفوسهم، ودينهم، وذريتهم، راجحة على مصلحة الانتصار والمقابلة)).

ولهذا الأمر أسرار خَفِيَّةٌ دقيقة، ليس ههنا محل تفصيلها، سنأتي عليها مفصلة في كتاب ((المنهاج))، إن شاء الله.

غير أَنَّ ثَمَّةَ نقطةً جديرة بالتسجيل، لا بأس بذكرها:

وهي أنه لم يكن كل أهل مكة يُنَاصِبُونَ المسلمين العداءَ، (١) رغم كفرهم، بل كان منهم من يرأف لحال المسلمين، ويرحمهم، وهم يرونهم يعذبون بلا جناية اقترفوها، ولا جُرْمٍ ارتكبوه.

فكان يحصل في قلوبهم من العطف، واللين، ما يكون مقدمة للإيمان، وقبول دعوة الإسلام ..

وإن عدم رَدِّ المسلمين جَعَلَ كثيرًا من المشركين -في أسوأ الأحوال- يقفون حيادًا، إن لم يكن بعضهم يساعدونهم سرًّا.

وَتَصَوَّرْ معي -أخي المسلم- لو أن المسلمين استخدموا أيديهم في رفع الغضاضة، وَرَدِّ الظلم؛ كقتل أحد المشركين، أو اغتياله، أو ضربه ضربًا شديدًا، فماذا يكون؟ ؟

سيكون هناك ردة فعل من الجميع عنيفة، يتبعها اشتداد في التعذيب كبير، ثم يكون عندهم من الْمُسَوِّغَاتِ ما يدفعهم لحصد المسلمين وإبادتهم عن بَكْرَةِ أبيهم.


(١) من المَجَاز: نَاصَبَهُ الشَّرَّ، والحَربَ، والعَداوَةَ: أَظْهرَهُ لَهُ. [هذه الحاشية في النسخة الإلكترونية فقط وليست بالمطبوع (مُعِدُّه للشاملة)]

<<  <   >  >>