للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن استخدام العنف في الدعوة إلى الله يعني تقديم مسوغات للعدو، لتعجيل تنفيذ مخططاته في القضاء على الدعوة، والدعاة، ولكن أكثر الدعاة لا يعلمون، ووراء عواطفهم يركضون.

الرابع: لقد أُمِرُوا بتأخير المواجهة، رغم تَوَفُّرِ بعض الإمكانات المادية، من عَتَادٍ، وغيره، ورغم وجود بعض الاستعدادات المعنوية، من شجاعة، وبأس في القتال، وغيره، وذلك كيما يتم التمكين الإيماني أولًا، ثم الأرضي.

الخامس: لقد كان تأخير المواجهة لحكمة بالغة، أَلَا وهي بلوغ الصحابة الأهلية المعنوية العالية، من إيمان قوي، وصبر جميل، وتضحية مستمرة، وإخلاص دائم.

قال تعالى:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ ... } [النساء: ٧٧].

فإذا حصل هذا الأمر العظيم -وهو الخشية- من فريق منهم، وهم في المدينة، في دار تمكين، وَمَنَعَةٍ، وَعِزٍّ، فما عساهم أن يكون موقفهم في مكة لو أُمروا بالجهاد، وهم في دار ضعف، وَذُلٍّ؟ !

إن التسلح بالعاطفة، والحماسة، والاندفاع، والتهور، لا يغني شيئًا في طريق الدعوة الشائك، والسبيل الطويل.

قال سيد رحمه الله (٢/ ٧١٢):

((إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حَمَاسَةً، وَانْدِفَاعًا، وَتَهَوُّرًا، قَدْ يَكُونُونَ هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ جَزَعًا، وَانْهِيَارًا، وَهَزِيمَةً، عِنْدَمَا يَجِدُّ الْجِدُّ، وَتَقَعُ الْوَاقِعَةُ .. بَلْ إِنَّ هَذِهِ قَدْ

<<  <   >  >>