للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَكُونُ الْقَاعِدَةَ! ذَلِكَ أَنَّ الِانْدِفَاعَ، وَالتَّهَوُّرَ، وَالْحَمَاسَةَ الْفَائِقَةَ، غَالِبًا مَا تَكُونُ مُنْبَعِثَةً عَنْ عَدَمِ التَّقْدِيرِ لِحَقِيقَةِ التَّكَالِيفِ، لَا عَنْ شَجَاعَةٍ وَاحْتِمَالٍ وَإِصْرَارٍ، كَمَا أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ مُنْبَعِثَةً عَنْ قِلَّةِ الِاحْتِمَالِ، إِلَى طَلَبِ الْحَرَكَةِ، وَالدَّفْعِ، والِانْتِصَارِ بِأَيِّ شَكْلٍ، دَونَ تَقْدِيرٍ لِتَكَالِيفِ الْحَرَكَةِ، وَالدَّفْعِ، وَالِانْتِصَارِ، حَتَّى إِذَا وُوجِهُوا بِهَذِهِ التَّكَالِيفِ كَانَتْ أَثْقَلَ مِمَّا قَدَّرُوا، وَأَشَقَّ مِمَّا تَصَوَّرُوا، فَكَانُوا أَوَّلَ الصَّفِ جَزَعًا، وَنُكُولًا، وَانْهِيَارًا ... عَلَى حِينِ يَثْبُتُ أُوَلئِكَ الَّذِينَ كَانُوا يُمْسِكُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَيَحْتَمِلُونَ الضِّيقَ وَالْأَذَى بَعْضَ الْوَقْتِ، وَيُعِدُّونَ لِلْأَمْرِ عُدَّتَهُ، ويعرفون حقيقة تكاليف الحركة، ومدى احتمال النفوس لهذه التكاليف، فيصبرون، ويتمهلون، ويعدّون للأمر عدته، والمتهورون، المندفعون، المتحمسون، يحسبونه إذ ذاك ضعفًا، ولا يعجبهم تمهلهم، ووزنهم للأمور! وفي المعركة يتبين أي الفريقين أكثر احتمالًا، وأي الفريقين أبعد نظرًا كذلك! )).

قلتُ: والله لقد عرفتَ فبينتَ .. ونصحتَ فأصبتَ .. ووعظتَ فصدقتَ .. ولكن ((لا حياة لمن تنادي))!

وبناء على ما سبق؛ يمكننا القول:

لا .. ثم لا .. ثم ألف لا .. قبل التربية.

ثم قال (٢/ ٧١٤):

(( .. ربما كان ذلك لأن الفترة المكية كانت فترة تربية وإعداد، في بيئة معينة، ومن أهداف التربية والإعداد تربية نفس الفرد العربي على الصبر على ما لا يصبر عليه عادة من الضيم ... ويتجرد من ذاته، ولا تعود ذاته، ولا من يلوذون

<<  <   >  >>