الطريق بالمكاره ليس سنة جديدة، ولا أمرًا مُحْدَثًا، حتى يُعَالَجَ بِطُرُقٍ مُحْدَثَةٍ، بل لا بُدَّ أن نعالج بمثل ما عالج الأنبياء، ولا نضع له دواء مخترعًا من عند أنفسنا.
السادس: إن العاقل إذا أراد أن يبني بناء قويًّا متينًا؛ بناه تحت ظروف صعبة، وأجواء متباينة؛ لكي يكون ملائمًا كافة الظروف، مُتَوَقِّعًا له كافة الاحتمالات، وعليه -والحال هذه- أن يبنيه في الصيف والشتاء، فتظهر له العيوب فيصلحها، وتبين له الثغرات فيسدها.
وإذا ما بنى بيته في فصل واحد، ظهر له من العيوب في الفصل الآخر ما لم يظهر في الفصل الذي بنى فيه.
وكذلك تُدَرَّبُ الجيوش على أقسى أنواع التدريبات، وتحت مختلف الأجواء، ويُوضع لها أبشع الاحتمالات، وأسوأ التوقعات، ويُرسم لها أشد الخطط وأصعبها، حتى إذا ما واجهتها لم تفاجأ بها، وأحسنتِ التصرفَ حِيَالَهَا.
ولهذا مَرَّ على الذين رَبَّاهُمْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مكة ظروف قاسية، وأحداث مفجعة، عالجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معالجةً تربوية صحيحة، أخرجت رجالًا هان عليهم ما جرى عليهم -بعد ذلك- من أحداث جِسَامٍ.
السابع: إن في هذه المقولة:
((نحن نبني، وغيرنا يهدم، وإذن علينا أن نتحول إلى المواجهة))
اعترافًا ضمنيًّا أن البناء لم يكتمل بَعْدُ، وأن الطلاب لم يتربوا، ولم ينضجوا،