للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يَتَعاظَمْ على أحدٍ من خَلْقِ اللهِ بِسَبَبِ طَلَبِهِ لِلْعِلْمِ؛ لأَنَّ معظمَ نَفْعِ العلم له، وحينئِذٍ إن لم يكن عامِلًا به فالجاهِلُ خَيْرٌ منه، فكيف يَصِحُّ لَه أن يترافَعَ على من هو خيرٌ منه، بل ذلك حُمْقٌ عَظِيمٌ لِصَاحِبِهِ.

وقد يكونُ علمُه ضررًا عليه وعلى غيره إن لم يَعْمَلْ به، فالجاهِلُ خَيْرٌ مِنْهُ؛ لأَنَّ الجاهِلَ قد يُعْذَرُ في الجُمْلَةِ بخلافِهِ هو إِذْ لا عُذْرَ لَهُ أَصْلًا.

ولا يَرْتَفِعْ على أَحَدٍ من جُلسائِهِ في مَحَلِّ الدَّرْسِ ولو كان دونَهُ، لأَنَّهم سواءٌ في الأَخْذِ عن الشَّيْخِ، بل يجلِسُ أينما انتهى به المجلسُ. ولا يَجْلِسْ بين يديه مُتَرَبِّعًا، ولا مُحْتَبيًا، ولا مُسْتَندًا، ولا مُتكئًا، ولا مُنْحَنِيًا، ولا ناصِبًا ظهرَهُ بِلا عُذْرٍ، بل جاثيًا على ركبتَيْهِ مُعْتَدِلَ الجلوسِ بسكينةٍ ووقارٍ، فيقعُدُ قِعْدَةَ المتعلمينَ لا قِعْدَةَ المُعَلِّمين، فإنه بقدرِ إجلالِهِ للشَّيْخِ والتَأَدُّبِ بين يديه ومعَهُ يكونُ انتفاعُهُ بعلمِهِ، فيعتَقِدُ أهليتَه ورجحانَهُ في قَوْلهِ وَنَظَرِهِ وفهمِهِ.

ولا يَضْحَكْ، ولا يُكْثِر الكلامَ، ولا يرْفَعْ صَوْتَهُ، وإذا دَخَلَ عليه فليكن مُتَأَدِبًا مُتَطَهِّرًا مُتَطَيِّبًا، ويعتقدُ في نفسِهِ وهو بين يديه كَمَالَ الجَهْلِ، وأن خَطَأَ الشَّيْخِ أصَحُّ من صَوَابِ نَفْسِهِ.

قال بَعْضُهم: مَنْ لَمْ يَرَ خَطَأَ الشَّيْخِ خَيْرًا من صَوابِ نَفْسِهِ لم

<<  <   >  >>