للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجمهور على فتح همزة {أَنْ تَكُونَ} ونصب النون على أنها الناصبة للفعل، وقرئ بكسرها ورفع النون (١)، على أنها النافية بمعنى (ما)، أي: سبحانه ما يكون له ولد. والكلام على هذه القراءة جملة وتفصيلًا مبين في العقيدة.

وقوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} (وكيلًا) منصوب على البيان، أو على الحال، وقد ذكر في غير موضع (٢).

{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (١٧٢)}:

قوله عز وجل: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ} أي: من أن يكون. ومعنى {لَنْ يَسْتَنْكِفَ} لن يأنف، من نَكَفْتُ الدمعَ أَنْكُفُهُ نَكْفًا، إذا نَحَّيْتَهُ عن خَدِّكَ بإصبعك أَنَفَةً أن يُرى أثر البكاء عليك.

{وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ}: عطف على {الْمَسِيحُ}، ولك أن تعطفه على اسم {يَكُونَ}، وفي الكلام حذف على كلا التقديرين، وفيه وجهان:

أحدهما: أن التقدير ولا كُلُّ واحدٍ من الملائكة أن يكون عبدًا لله.

والثاني: أن التقدير: ولا الملائكة المقربون أن يكونوا عبادًا لِلَّه، ثم حذف ذلك لدلالة {عَبْدًا لِلَّهِ} عليه إيجازًا واختصارًا.

ومعنى {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} أي: المقربون من رحمة الله ورضاه.

وقوله: {فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} الجمهور على الياء النقط من تحته وضم الشين، وقرئ بالنون وكسر الشين (٣) وهما لغتان، يقال: حَشَرْتُ القومَ


(١) من (يكون)، وهي قراءة الحسن رحمه الله، انظر المحتسب ١/ ٢٠٤، والكشاف ١/ ٣١٦، والمحرر الوجيز ٤/ ٣١٧ - ٣١٨.
(٢) تقدم إعرابها قبل قليل.
(٣) هذه قراءتان كما سوف يوضح المؤلف في الشرح، أما (فسيحشرهم) بكسر الشين بدل ضمها: فقد نسبت إلى الأعرج كما في مختصر الشواذ/ ٣/. وأما (فسنحشرهم) بالنون بدل الياء فهي قراءة الحسن كما في المحرر الوجيز ٤/ ٣١٨، والبحر ٣/ ٤٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>