للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل لما أخرج ذرية آدم - عليه السلام - من ظهره فجعلهم أرواحًا كان روح عيسى - عليه السلام - في تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد، فأُرسل إلى مريم فدخل في فيها فحملت، وإنما أضافه إليه سبحانه دون غيره تشريفًا له.

والثالث: أنه سمي روحًا؛ لأنه ذو روح وُجد من غير جزء من ذي روح كالنطفة المنفصلة من الأب الحي، وإنما أنشأه الله إنشاءً أو اخترعه اختراعًا، ولذلك سمي كلمته؛ لأنه بكلمته وأمره من غير واسطة أب ولا نطفة، وقد ذكر.

وقيل: معني قوله: {وَرُوحٌ مِنْهُ} أي: ورحمة منه، كقوله: {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} (١).

وقوله: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} اسم الله رفع بالابتداء، و {إِلَهٌ} خبره، و {وَاحِدٌ} توكيد له، كقوله: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} (٢)، وقوله: {نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} (٣)، وقولهم: مَضَى أمسِ الدابرُ (٤)، وقيل: {وَاحِدَةٌ} نعت له، على معنى أنه منفرد في إلاهِيَّتِهِ. وقيل: {وَاحِدَةٌ} هو الخبر، و {إِلَهٌ}: بدل من اسم الله، أي: إنما المعبود واحد (٥).

وقوله: {سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} و (أن) في موضع نصب على حذف الجار وهو (مِن)، أو (عن)، أي: سبحه تسبيحًا من أن يكون، أو عن أن يكون له ولد، أو جر على إرادته على الخلاف المشهور (٦).


(١) المجادلة (٢٢). وانظر هذا القول في جامع البيان ٦/ ٣٦، وزاد المسير ٢/ ٢٦١.
(٢) سورة النحل، الآية: ٥١.
(٣) سورة الحاقة، الآية: ١٣.
(٤) انظر الصحاح (دبر).
(٥) انظر هذه الأقوال مجتمعة في مشكل مكي ١/ ٢١٤ - ٢١٥، واقتصر العكبري ١/ ٤١٢ على الأول فقط.
(٦) بين سيبويه والخليل، وانظر إعراب الآية (٢٥) من البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>