للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما وجه فساده من جهة المعنى: فهو أن ذلك يوجب أن يشارك الصابئ اليهودي في اليهودية، وليس كذلك، فإن قلت: فإن ادعيا أن {هَادُوا} في معنى تابوا، قلت: ينادي على بطلان دعواهما هنا قولُه تعالى: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} إذ لو كانوا مؤمنين لما قال: إنْ آمنوا فلهم كذا.

وأما وجه ضعفه من جهة العربية: فهو أن المضمر لم يؤكد ولم يفصل بينهما بما يقوم مُقام التأكيد.

وذهب الفراء: إلى أنه معطوف على (الذين) من حيث إنه لما لم يظهر فيه الإِعراب بقي المعطوف مرفوعًا على أصله (١)، وهذا ليس بشيء لعدم الاطراد فيه (٢). وقيل: (إنّ) بمعنى نَعم (٣)، كقوله:

١٨٧ - ويَقُلْنَ شَيْبٌ قد عَلا ... كَ وقد كبِرْتَ فَقُلْتُ إنَّهْ (٤)

وهذا أيضًا ضعيف لقلته في الكلام.

وقيل: إن {وَالصَّابِئُونَ} في موضع نصب بالعطف على إسم إن، ولكنه أتى على لغة الذين يجعلون التثنية بالألف على كل حال، والجمع بالواو على كل حال (٥)، وهو ضعيف أيضًا لقلته وقلةِ المستعملين له.


(١) انظر معاني الفراء ١/ ٣١٠ - ٣١١، ومعاني الزجاج ٢/ ١٩٢، ومشكل مكي ١/ ٢٣٨.
(٢) كذا ضعفه الزجاج وأنكره. انظر الموضع السابق عنده، لكن الرازي ١٢/ ٤٤ قدمه على مذهب البصريين محتجًا بأن مذهبهم يقتضي أن كلام الله على التَّرتيب الذي ورد عليه ليس بصحيح، وإنما تحصل الصحة عند تفكيك هذا النظم.
(٣) مشكل مكي ١/ ٢٣٩، والبيان ١/ ٣٠٠، ونسبه الجوهري (أنن) إلى الأخفش.
(٤) لابن قيس الرقيات، وقبله:
بَكَر العواذلُ في الصَّبُو ... ح يلمنني وألومُهُنَّهْ
وانظرهما في كتاب سيبويه ٣/ ١٥١ و ٤/ ١٦٢، والصحاح (أنن)، وشرح ابن يعيش ٣/ ١٣٠.
(٥) انظر سيبويه ٢/ ١٥٥، ومعاني الزجاج ٢/ ١٩٣ - ١٩٤، ومشكل مكي ١/ ٢٣٨، والتبيان ١/ ٤٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>