للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إن النون هو حرف الإِعراب لا الواو (١)، وهذا أيضًا ليس بشيء، لأن ذلك أتى مع الياء لا مع الواو، وسبب امتناعه مع الواو من حيث إن الواو حرف يختص بنوع من الإِعراب، والياء تكون للنصب مرة وللجر أخرى، فإذا جمع بين الواو والإعراب في النون كان أذهب في الجمع بين علامتي إعراب، فلذلك لم يُقَل: مسلمون، كما قيل: مسلمين.

وقيل: خبر إن محذوف لدلالة الثاني عليه، والعطف بقوله: {وَالصَّابِئُونَ} إنما أتى بعد تمام الكلام وانقضاء اسم إن وخبرها (٢)؛ لأن المحذوف من اللفظ إذا كان في الكلام ما يدل عليه في حكم الملفوظ به، كما حذف خبر إن في قوله تعالى: (إن الله وملائكتُهُ يصلون على النبي) (٣) على قراءة من رفع (ملائكته) (٤) تقديره: إن الله يصلي على النبي وملائكته يصلون عليه، فحذف الأول وهو خبر (إنّ) لدلالة الثاني عليه، كقولك: إن زيدًا وعمرو منطلق، فعمرو مبتدأ، ومنطلق خبره، وخبر إن محذوف لدلالة الثاني عليه، وهذا أحسن الأقوال بعد قول صاحب الكتاب رحمه الله، والقول ما قالت حَذامِ.

والجمهور على رفعه ووجهه ما ذكر، وقرئ: (والصابئين) بالنصب (٥) عطفًا على اسم إن، ولا تجوز القراءة به لأجل مخالفته "الإمام" مصحف عثمان - رضي الله عنه -.


(١) يعني أن علامة الإعراب هي فتحة النون، وانظر هذا القول في التبيان ١/ ٤٥٢.
(٢) حكى مكي هذا القول عن الأخفش، والمبرد. انظر المشكل ١/ ٢٣٩.
(٣) سورة الأحزاب، الآية: ٥٦.
(٤) قراءة شاذة يأتي الكلام عليها في موضعها إن شاء الله.
(٥) نسبها النحاس في إعرابه ١/ ٥٠٩ إلى سعيد بن جبير رحمه الله، ونسبها الزمخشري ١/ ٣٥٤ إلى أبي رضي الله عنه، قال: وبها قرأ ابن كثير. قلت: قراءة النصب منسوبة إلى كثيرين، لكن بدون همزة هكذا (والصابيين). انظر المحتسب ١/ ٢١٧، والمحرر الوجيز ٥/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>