للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلم (١)، يسيحون في الإرض يطلبونه في مظانه.

{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١١٧)}:

قوله عزَّ وجلَّ: (مِن بعدِ ما كاد تَزيغُ قلوبُ فريقٍ منهم) (ما) مع ما بعدها في تأويل المصدر على المعنى؛ لأنَّ {كَادَ} بمعنى قارب، فكأن المعنى: من بعد مقاربة قلوب فريق منهم الزيغ. وفاعل كاد أحد ثلاثة أشياء:

إما ضمير الشأن والحديث، وهو قول صاحب الكتاب - رَحِمَهُ اللهُ - وشبهه بقولهم: ليس خَلَقَ اللَّهُ مثلَه (٢)، والجملة بعده في موضع نصب على الخبر.

وإنما جاز، الإضمار في {كَادَ} وليس من العوامل التي تدخل على الابتداء والخبر للزوم الخبر له، فأشبه لذلك العوامل الداخلة عليهما.

ولا يجوز أن يضمر في (عسى) وإن كان له اسم وخبر، كـ (كاد)؛ لأنه قد يستغنى عن الخبر في مواضع كثيرة، وذلك إذا وقعت أن بعده كقوله: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (٣)، فأشبه لذلك سائر الأفعال التي تسند إلى فاعليها مما لا يدخل على الابتداء والخبر؛ لأنَّ خبر (عسى) لا يكون إلّا (أن) وما بعدها، ولا تقع (أن) بعد كاد خبرًا له في حال السعة والاختيار فافترقا لذلك.

وإمَّا مضمر دل عليه ما تقدم ذكره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقديره:


(١) قاله عكرمة، انظر النكت والعيون ٢/ ٤٠٧. ومعالم التنزيل، وزاد المسير في الموضعين السابقين.
(٢) انظر كتاب سيبويه ١/ ٧٠ - ٧١.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>