للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن جني: وكل ذلك جائز حسن (١).

{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨)}:

قوله عز وجل: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} (صم): خبر مبتدأ محذوف، أي: هم صم، و {بُكْمٌ عُمْيٌ}: خبر بعد خبر، أي: هم صمٌّ عن الهدى فلا يسمعونه، بُكْمٌ عنه فلا يقولونه، عمي عنه فلا يبصرونه، على ما فُسِّر (٢).

وقرئ: (صمًّا بُكْمًا عُمْيًا) بالنصب (٣) على الحال من الضمير في (تركهم)، أو في {لَا يُبْصِرُونَ}، أو على الذم، أو على: جَعَلَهم صمًا (٤).

وصمٌ جَمْعُ أَصَمَّ، يقال: أصَمُّ وصُمٌّ وصُمَّانٌ، كما يقال: أَسْوَدُ وسُودٌ وسُودانٌ. وسبيل (أَفعَلَ) إذا كان صفة أن يُجمع على: فُعْلٍ، فإن كان اسمًا جُمع على: أفاعل، كأحمد وأحامد.

{فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}: ابتداء وخبر، وهو كلام مستأنف، وقيل: في موضع نصب على الحال، وهو من الضمير في {وَتَرَكَهُمْ} (٥)، وهو سهوٌ، لأن ما بعد الفاء لا يكون حالًا، لأن الفاء وُضع في الأمر العام للترتيب، والحال عارٍ من الترتيب (٦).


(١) المحتسب في الموضع السابق، وابن جني هو أبو الفتح عثمان بن جني، فارسي الأصل، كان من أحذق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصريف، صحب أبا علي الفارسي أربعين سنة، وله عدة كتب منها الخصائص في النحو، والمحتسب في القراءات، والمنصف في التصريف، توفي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.
(٢) انظر النكت والعيون ١/ ٨١، ومعالم التنزيل ١/ ٥٣.
(٣) هي قراءة السيدة حفصة أم المؤمنين وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، انظر معاني الفراء ١/ ١٦، وإعراب النحاس ١/ ١٤٣، ومشكل مكي ١/ ٢٧، والمحرر الوجيز ١/ ١٣٢.
(٤) استوعب المؤلف رحمه الله جميع الأوجه في إعراب (صمًا بكمًا عميًا) بالنصب، ولم أجدها مجتمعة لغيره من المعربين اللهم إلا من جاء بعده كأبي حيان ١/ ٨٢، والسمين الحلبي ١/ ١٦٥ - ١٦٦.
(٥) هذا إعراب مكي في مشكله ١/ ٢٧ لم يذكر غيره.
(٦) هكذا أيضًا ذكره ورده أبو البقاء ١/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>