للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَجَعَ فعل لازم، ومصدره رجوع، ومتعدٍ ومصدره رَجْعٌ، أي: فهم لا يرجعون إلى الحق، أو لا يَردُّون جوابًا إن جعلته متعديًا، كقوله: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} (١).

والرجوع عن الشيء، والارتداد عنه، والانقلاب عنه، والزوال عنه، نظائر في اللغة، فاعرفه.

{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩)}:

قوله عز وجل: {أَوْ كَصَيِّبٍ} {أَوْ} هنا تحتمل أوجهًا:

أن تكون للإباحة: على معنى أن المثالين سواء في استقلال كل واحد منهما بوجه التمثيل، فبأيهما مَثَّلْتَهم فأنت مصيب، وإن مثلتهم بهما جميعًا فكذلك، كما أنك إذا قلت: جالِسِ الحَسَنَ أو ابنَ سِيرينَ، معناه: أنهما سِيَّان في استصواب أن يُجالَسا أو أَحَدُهُما، ومنه قوله جل ذكره: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} (٢) أي: الآثم والكفور متساويان في وجوب عصيانهما، وذلك أن {أَوْ} في أصلها لِتَسَاوي شيئين أو الأشياء في الشك، ثم اتسع فيها فاستعيرت للتساوي في غير الشك، فاعرفه.

وأن تكون للتخيير: على معنى: أنت مخير فيهم، مَثِّلْهم بأي المثالين شئتَ، كما أنك إذا قلت: خذ درهمًا أو دينارًا، كان كذلك.

وأن تكون للشك: على معنى: أن الناظر في حال هؤلاء المنافقين مُتَحَيِّزٌ في أمرهم، فلا يَدري بأي المثالين يمثلهم؟ ومنه قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (٣) أي: لو رآهم راءٍ لحار في مقدار عددهم.


(١) سورة الطارق، الآية: ٨.
(٢) سورة الإنسان، الآية: ٢٤.
(٣) سورة الصافات، الآية: ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>