للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: خبر كان مضمرة لدلالة المعنى عليها، أي: ولكن كان تصديق الذي بين يديه، وهو ما تقدمه من الكتب المنزلة؛ لأنه معجز دونها، فهو عيان عليها وشاهد لصحتها، كقوله: {هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} (١).

والثاني: مفعول له، بمعنى: ولكن أُنزل للتصديق والتفصيل (٢).

وقرئ: بالرفع (٣) على: ولكن هو تصديق وتفصيل، أي: وتبيين ما كتب عليكم من الأوامر والنواهي، وفرض من الأحكام والشرائع. وموضع {الْكِتَابِ} نصب بالتفصيل.

وقوله: {لَا رَيْبَ فِيهِ} في موضع الصفة لـ {تَصْدِيقَ}، و (تفصيل) داخل في حيز الاستدراك، وكذا {مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}؛ لأن إضافتهما غير محضةٍ، والتقدير: ولكن كان تصديقًا وتفصيلًا منتفيًا عنه الريب كائنًا من رب العالمين.

ولك أن تجعلهما حالين من الكتاب، والعامل التفصيل، كأنه قيل: يبين ما كتب عليكم خالصًا من الريب كائنًا من رب العالمين.

وقد جوز أن يراد: ولكن كان تصديقًا من رب العالمين وتفصيلًا منه لا ريب فييِ ذلك، فيكون {مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} متعلقًا بتصديق وتفصيل، ويكون {لَا رَيْبَ فِيهِ} اعتراضًا، كما تقول: زيد لا شك فيه كريمٌ.

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)}:


(١) سورة فاطر، الآية: ٣١. وكان في الأصل والمطبوع: (وهو) بزيادة الواو.
(٢) الإعراب الأول نسب إلى الفراء، والكسائي. واقتصر عليه الزجاج، والنحاس، ومكي، والزمخشري. والثاني للعكبري ٢/ ٦٧٥ وقدمه على الأول. وقال ابن عطية ٩/ ٤٣: هو نصب على المصدر، والعامل فيه فعل مضمر: وذكر أبو حيان هذه الأوجه الثلاثة، وقدم عليها السمين ٦/ ٢٠٢ وجهًا رابعًا هو: كونه معطوفًا على خبر كان.
(٣) نسبها أبو حيان ٥/ ١٥٧. والسمين ٦/ ٢٠٢ إلى عيسى بن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>