للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}: انتصاب قوله تعالى: {مُبْصِرًا} على أحد وجهين: إما على الحال إن جعلت {جَعَلَ} بمعنى خلق، أي: وخلق النهار مضيئًا، يقال: أبصر النهار، إذا أضاء، ومنه قوله جل ذكره {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً} (١) أي: مضيئة.

وقيل: {مُبْصِرَةً} أي: مبصرًا فيه (٢)، كقولهم: نهارُك صائم وليلك نائم، أو على أنه مفعول ثان لجعل بمعنى: وصير النهار مبصرًا.

فإن قلت: فإن كان الأمر على ما زعمت، فأين المفعول الثاني لجعل الأول؟ قلت: محذوف تقديره: جعل لكم الليل مظلمًا، وحذف لدلالة الثاني عليه.

{قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩)}:

قوله عز وجل: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} إنْ: بمعنى ما النفي، و (مِن) لتعميم النفي، والباء يحتمل أن تكون من صلة السلطان، وأن تكون من صلة الاستقرار، أي: ما عندكم من حجة بهذا القول.

والسلطان: الحجة، قيل: سمي بذلك؛ لأنه يتسلط به المحق على المبطل، أي يتقوّى.

وقوله: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} استفهام بمعنى التوبيخ لهم والإنكار عليهم.


(١) سورة النمل، الآية: ١٣.
(٢) قاله النحاس في معانيه ٣/ ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>