للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} (١).

وقيل: الخطاب للسامع ممن يجوز فيه الشك.

وقيل: (إِنْ) هاهنا للنفي لا للشرط، أي: فما كنت في شك، ومع كونك غير شاك فاسأل مؤمني أهل الكتاب حتى لا يبقى ريبٌ لمرتاب.

وقيل: المعنى ما كنت في شك فاسأل، يعني لا نأمرك بالسؤال لأنك شاك، ولكن لتزداد يقينًا، كما ازداد إبراهيم - عليه السلام - بمعاينة إحياء الموتى (٢).

{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (٩٨)}:

قوله عز وجل: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ} (لولا) هنا بمعنى هلا، تعضده قراءة من قرأ: (فهلا كانت) وهما أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - (٣)، ومعناه النفي، أي: فما كانت قرية آمنت عند نزول العذاب فنفعها إيمانها إلّا قوم يونس، والاستثناء منقطع في اللفظ، بمعنى: ولكن قوم يونس؛ لأن المستثنى منه القرية وليست من جنس القوم متصل في المعنى؛ لأن المراد أهلها، فانتصاب القوم على هذا على أصل الاستثناء، وقد ذكرت آنفًا أن معناه النفي، كأنه قيل: ما آمنت قرية من القرى الهالكة إلّا قوم يونس.

وقرئ: (إلّا قومُ) بالرفع (٤)، إمَّا على البدل نظرًا إلى المعنى، إذ معنى الكلام النفي محمولًا على المعنى إذ المراد أهل القرية، وإمّا على الصفة نظرًا


(١) سورة النساء، الآية: ١٧٤.
(٢) انظر هذه المعاني مجتمعة أيضًا عند الزجاج ٣/ ٣٢ - ٣٣. والنحاس ٣/ ٣١٦ - ٣١٧. والزمخشري ٢/ ٢٠٣. ورجح الطبري ١١/ ١٦٧ - ١٦٩ ما اقتصر عليه الفراء ١/ ٤٧٩.
(٣) هي قراءة أُبي - رضي الله عنه - وحده في معاني الفراء ١/ ٤٧٩. وجامع البيان ١١/ ١٧٠. وإعراب النحاس ٢/ ٧٥ عن الفراء. وهي للاثنين معًا في الكشاف ٢/ ٢٠٣. والمحرر الوجيز ٩/ ٩٣.
(٤) شاذة نسبت إلى الجرمي، والكسائي. انظر الكشاف ٢/ ٢٠٤. ومختصر الشواذ / ٥٨/. والدر المصون ٦/ ٢٦٩ - ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>