للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (٥٨)}:

قوله عز وجل: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} أي: فإن تتولوا، فحذفت إحداهما تخفيفًا وهي الثانية على المذهب المنصور (١). والمعنى: فإن تعرضوا عن الإيمان لم أُعاتَبْ فيما أُمِرتُ به من الإبلاغ.

وقوله: {وَيَسْتَخْلِفُ} الجمهور على رفع هذا الفعل وفيه وجهان:

أحدهما: مستأنف، بمعنى: ويهلككم الله ويجيء بقوم آخرين يخلفوفكم في دياركم وأموالكم.

والثاني: عطف على ما يجب أن يكون بعد الفاء، لأن الفاء تمنع (إن) من العمل فيما بعدها.

وقرئ: بالجزم (٢). وكذلك {وَلَا تَضُرُّونَهُ} (٣) عطفًا على محل الفاء وما بعدها.

والمعنى: فإن تعرضوا عن الإيمان يُعْذِرُني ويستخلف قومًا غيركم؛ ولا تضروا إلّا أنفسكم؛ لأن ضرر كفركم عائد عليكم.

{وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ (٥٩)}:

قوله عز وجل: {وَتِلْكَ عَادٌ}: الإشارة إلى القبيلة.

{وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا


(١) يريد أن الفعل مضارع، وهو ما ذهب إليه الزجاج ٣/ ٥٨. والنحاس في الإعراب ٢/ ٩٦. والزمخشري ٢/ ٢٢٢. وقال ابن عطية ٩/ ١٧٢: ويحتمل أن يكون ماضيًا. قلت: ذكره ابن الجوزي في الزاد ٤/ ١١٩ وقال: هو مذهب مقاتل في آخرين.
(٢) هي قراءة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. انظر الكشاف ٢/ ٢٢٢. والبحر المحيط ٥/ ٢٣٤ وقال أبو حيان: قرأها حفص في رواية هبيرة.
(٣) فتصبح: (ولا تضروه) بالهاء، ونسبت إلى ابن مسعود - رضي الله عنه -. انظر المصدرين السابقين مع الدر المصون ٦/ ٣٤٥. وفي معاني الفراء ٢/ ١٩: قراءة عبد الله (ولا تنقصوه) جزمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>