للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزاؤه استعباد أو استرقاق من وجد المسروق في رحله. وكان حكم السارق في آل يعقوب أن يسترق سنة، وفي أهل مصر أن يضرب ويغرّم على ما فسر (١)، فلذا استفتوا في جزائه.

وقوله: {فَهُوَ جَزَاؤُهُ} مبتدأ وخبر مؤكد للحكم المذكور، أي: فنفسه جزاء فعله ليس إلا، وهذه الجملة معطوفة بالفاء على الجملة الأولى.

والثاني: الجملة كما هي خبره، فيكون {جَزَاؤُهُ} مبتدأ و {مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ} مبتدأ ثان، و {فَهُوَ} مبتدأ ثالث، و {جَزَاؤُهُ} خبر المبتدأ الثالث، والمبتدأ الثالث وخبره خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول، والعائد إلى المبتدأ الثاني هو الواقع بعد الفاء، وإلى الأول عين خبر المبتدأ الثالث وهو {جَزَاؤُهُ}، أقيم الظاهر في الجملة الواقعة خبر مقام المضمر، والأصل: جزاؤه من وجد في رحله فهو هو، فوضع الجزاء موضع هو، فـ (هو) الأول راجع إلى المبتدأ الثاني وهو {مَنْ}، والثاني إلى المبتدأ الأول وهو {جَزَاؤُهُ}. ونظيره في إقامة الظاهر مقام المضمر ما أنشده صاحب الكتاب رحِمَهُ اللهُ تعالى:

٣٤١ - لا أَرَى المَوْتَ يَسْبِقُ الموْتَ شَيءٌ ... نَغَّصَ الموتُ ذَا الغِنَى والفَقِيرَا (٢)

ولم يقل يسبقه كما ترى.

والثالث: محذوف، أي: جزاؤه عندنا كجزائه عندكم، أو بالعكس، وهو الوجه، لأن الحكم عندهما مختلف، وهو ما ذكرت قبيل أن حكم السارق عند آل يعقوب أن يُسْتَرَقَّ سنةً، وعند أهل مصر أن يُضرَب ويغرّم،


(١) كذا نص البغوي في معالم التنزيل ٢/ ٤٤٠.
(٢) ينسب هذا البيت لعدي بن زيد، وقيل لابنه، سوادة بن زيد. قال البغدادي ١/ ٣٨١: والصحيح الأول. وهو من شواهد سيبويه ١/ ٦٢. والأخفش ١/ ٢٢٩. والزجاج ١/ ٤٥٦ و ٣/ ١٢٢. وانظره في الخصائص ٣/ ٥٣. وشرح الحماسة للمرزوقي ١/ ٣٦. والصحاح (نفص).

<<  <  ج: ص:  >  >>