للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الابتداء، وفيما يدخل عليه عوامل الابتداء نحو: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا} (١) وشبهه.

والثاني: مفرد يفسر مفردًا من جملة نحو: نِعْمَ رجلًا زيدٌ، ففي (نِعْمَ) ضمير فاعلها، ورجلًا تفسير له، فأضمر الرجل الذي هو فاعل نعم قبل الذكر لتفسير هذا المذكور له ودلالته عليه، فتفسير الضمير في الوجهين جميعًا متصل بالجملة التي فيها الإضمار المشروط تفسيره ومتعلق بها غير خارج عنها، لأنه في المبتدأ وما دخل عليه في موضع الخبر، وفي المفرد متعلق بما عمل في الاسم المفرد المضمر، لأن رجلًا من قولك: نعم رجلًا منتصب عن الفعل والفاعل.

وقوله: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} ليس من هذين الضربين، لأنه منقطع غير متصل، فهو خارج عن جملة ما يضمر على شريطة التفسير، ثم قال: والذي تُحْمَلُ عليه الآيةُ: أن يكون إضمارًا للإجابة، كأنهم حين قالوا: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ} أجابهم في نفسه ولم يبدها لهم في الوقت، ودل على إضمار ذلك ما تقدم من مقالتهم.

ثم قال: ويجوز أن يكون المضمر المقالة، كأنَّ المعنى: أسر يوسف مقالتهم، والمقالة والقول سواء، وتكون المقالة بمعنى المقول لا بمعنى اللفظ، كالخَلْقِ بمعنى المخلوق، ويكون معنى أسرها: وعاها وأكنها في نفسه إرادة التوبيخ بها والمجازاة عليها، انتهى كلامه.

وقيل: في الكلام تقديم وتأخير تقديره: قال في نفسه: أنتم شر مكانًا وأسرها. أي: هذه الكلمة (٢).


(١) سورة طه، الآية: ٧٤.
(٢) التبيان ٢/ ٧٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>