للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذا المكان (١)، وإضافتهما إلى الصدق مدح لهما، أي: إدخالًا مرضيًا وإخراجًا مرضيًا.

وقوله: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} أي: إن الباطل يذهب ويزول ولا يبقى، وزهوق: فعول من زَهَقَتْ نفسُهُ: إذا ماتت وذهبت، يعني: إن الباطل كثير الذهاب والاضمحلال، و {كَانَ} هنا يفيد الدوام.

{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)}:

قوله عز وجل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ} (من) هنا يحتمل أن يكون للتبيين، أي: من هذا الجنس الذي هو قرآن ما هو شفاء، فجميع القرآن شفاء (٢). وأن تكون للتبعيض على: أن كل شيء نزل منه فهو شفاء للمؤمنين (٣). لا على: أن بعضه شفاء كما زعم بعضهم (٤)، لأن المنزل كله شفاء، بشهادة قوله عليه الصلاة والسلام: "مَنْ لَمْ يَسْتَشْفِ بالقُرْآنِ فَلَا شَفَاهُ الله" (٥). ولم يُفَصِّل - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: شفاء من الضلال. وقيل: من الجهل (٦).

وقوله: {وَرَحْمَةٌ} عطف على {شِفَاءٌ}. وعن الكسائي: أنه أجاز نصب (رحمة) عطفًا على {مَا} (٧).


(١) كذا في إعراب النحاس ٢/ ٢٥٥.
(٢) اقتصر النحاس في المعاني ٤/ ١٨٧ على أن (من) لبيان الجنس وليست للتبعيض.
(٣) كذا في الكشاف ٢/ ٣٧٣ أيضًا.
(٤) هو العكبري ٢/ ٨٣٠. وأنكره الحوفي كما في الدر المصون ٧/ ٤٠٢ لأنه يلزم ألا يكون بعضه شفاء. وانظر جواب ابن عطية ١٠/ ٣٣٨ عليه.
(٥) قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف / ١٠٢/: رواه الثعلبي من طريق أحمد بن الحرث الغساني، حدثتنا ساكنة بنت الجعد قالت: سمعت رجاء الغنوي يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . فذكره. وانظره في جامع القرطبي ١٠/ ٣١٥ - ٣١٦ أيضًا.
(٦) انظر الأقوال الثلاثة في النكت والعيون ٣/ ٢٦٨. وزاد المسير ٥/ ٧٩.
(٧) حكاه عنه العكبري ٢/ ٨٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>