للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صاحب الكتاب - رحمه الله - (١)، وهو كون الثانية بدلًا من الأولى، وإذا كان كذلك، فمعنى قوله وكل قول من رد عليه، وقال: إن البدل لا يصح، لأن البدل من (أن) لا يكون إلا بعد تمام صلتها، وقد خفى عليه ما ذكر من التقديرين.

أبو علي (٢): {أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} بمعنى الإخراج، وهو مبتدأ و {إِذَا مِتُّمْ} خبره، لأنه ظرف زمان فيصح أن يكون خبرًا للمصدر، والتقدير: أيعدكم أنكم إخراجكم إذا متم، أي: وقت موتكم وكونكم ترابًا وعظامًا، كما تقول: أتعدني أنك خروجك يوم الجمعة، فيكون {أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} الذي هو المبتدأ، وقوله: {إِذَا مِتُّمْ} الذي هو الخبر جميعًا خبر {أَنَّكُمْ}.

أبو الحسن (٣): محل (أنَّ) الثانية الرفع على الفاعلية بفعل مضمر دل عليه (إذا) وهو جزاؤه، والتقدير: أيعدكم أنكم إذا متم يقع إخراجكم، كقولك: اليوم الخروج، فأن الثانية وما عملت فيه فاعل هذا الفعل المقدر الذي هو جزاء الشرط، ثم الجملة كلها خبر أن الأولى.

وفيه وجه آخر: وهو أن يكون خبر (أنَّ) الأولى {مُخْرَجُونَ} الظاهر و (أنَّ) الثانية مكررة وحدها من غير خبر توكيدًا، وحسن ذلك لفصل ما بين الأولى والثانية بالظرف، والتقدير: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم. فيكون {مُخْرَجُونَ} خبر {أَنَّكُمْ} الواقعة بعد قوله: (أيعد) و {إِذَا} معمول {مُخْرَجُونَ} بأنه ظرف له.

وقرأت على شيخنا أبي الجود (٤) - رحمه الله - بالقاهرة المحروسة لعاصم من


(١) الكتاب ٣/ ١٣٢ حيث ذكر سيبويه هذه الآية أيضًا.
(٢) القول هنا ذكره أبو إسحاق الزجاج ٤/ ١١، ولم أجد من حكاه عن أبي علي، والزجاج متقدم عليه، فهو أولى في أن ينسب إليه، وأخشى أن يكون سبق قلم والله أعلم.
(٣) حكاه عن أبي الحسن الأخفش هكذا: النحاس في المعاني ٤/ ٤٥٦.
(٤) هو الإمام المحقق غياث بن فارس المنذري شيخ المقرئين بمصر، وكان فرضيًا نحويًا عروضيًا، كما كان دَيِّنًا فاضلًا بارعًا في الأدب، توفي سنة خمس وستمائة. (انظر ترجمته في التكملة للمنذري، والسِّيَر للذهبي حيث عدّ المنتجب من بين تلاميذه).

<<  <  ج: ص:  >  >>