للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٧٨)}:

قوله عز وجل: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ} قرئ: (ولا يَحسبنَّ) بالياء النقط من تحته (١) مسندًا إلى {الَّذِينَ}، فالذين فاعلون به، وأما مفعولا الحسبان: فأن وما اتصل بها تسد مسدهما عند صاحب الكتاب (٢)، كقوله: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ} (٣).

و(ما): تحتمل أن تكون موصولة، ونهاية صلتها {لَهُمْ}، وعائدها محذوف، والتقدير: نُمليه لهم، و {خَيْرٌ} خبر أنّ و {لِأَنْفُسِهِمْ} متعلق به، وأن تكون مصدرية بمعنى: (ولا يحسبن الذين كفروا) أن إملاءنا لهم خير لأنفسهم [والإملاء: الإمهالُ، والتأخيرُ، والإطالة في العمر، والإنساءُ في الأَجَل، مأخوذ من الملاوة وهي الحِين، ومنه قوله تعالى: {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا}، أي: حينًا طويلًا] (٤).

وكان القياس على ما يقتضيه عِلْمُ الكتابةِ أن تُكتب مفصولة (٥)، غير أنها وَقعتْ في "الإِمام" (٦) متصلة فالأَولى اتباعه، وليس لمعترضٍ أن يقول: إنها كافة أو مزيدة لأجل وقوعها في "الإمام" متصلة، لأنها لو كانت كذلك لكان {خَيْرٌ} منصوبًا بـ {نُمْلِي} (٧).


(١) هي قراءة الجمهور كما سوف أخرج.
(٢) كذا في التبيان ١/ ٣١٢. وهو إعراب الفارسي في الحجة ٣/ ١٠٢، ومكي في الكشف ١/ ٣٦٥، والزمخشري في الكشاف ١/ ٢٣٢، وابن عطية في المحرر الوجيز ٣/ ٣٠٢.
(٣) سورة الفرقان، الآية: ٤٤.
(٤) الآية (٤٦) من سورة مريم، وما بين المعكوفتين ساقط من (أ) و (د).
(٥) يعني: (ما) في (أنما)، فتكون هكذا: أن ما.
(٦) كذا في الكشاف ١/ ٢٣٢ أيضًا. والمقصود به مصحف سيدنا عثمان رضي الله عنه كما تقدم.
(٧) الذي يريد أن يثبته أن (ما) الموصولة أو المصدرية إذا اتصلت بـ (أن) تكتب منفصلة عنها، أما إذا كانت كافة أو زائدة فتتصل بها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>