للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه على الإِتْباع.

والثاني: أنه بناء على حِدَتِهِ.

{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (١٨٤)}:

قوله عز وجل: {وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} قرئ: (وبالزبر وبالكتاب) بزيادة الباء فيهما تأكيدًا، وبحذفها فيهما (١) اكتفاء بالعاطف عنها، كما تقول: مررت بزيد وبعمرو، وبزيد وعمرو.

والزبر: جمع زبور كرُسُل في جمع رسول، وهي الكتب، يقال: زَبرْتُ الكتابَ، إِذا كتبتَهُ، وأصله الزَّجْرُ، يقال: زَبَرْتُ الرجلَ أَزْبُرُهُ زَبْرًا، إذا زجرته، فسمي الكتاب بذلك لما فيه من الزجر عن الباطل، عن الرماني وغيره.

والكتاب هنا جنس، وإنما جمع بينهما لاختلاف أصلهما، لأن الزبور من الزَّبْر، وهو الزَّجْرُ، والكتاب من الكَتْب، وهو ضمُّ الحروف بعضِها إلى بعض، والكتاب المنير الهادي إلى الحق.

{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (١٨٥)}:

قوله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} ابتداء وخبر، وإنما أُنث الخبر لإضافة كل إلى النفس، كما أُنث الفعل في قوله: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ} (٢) لذلك.


(١) قرأ ابن عامر وحده بإثبات الباء في الأولى باتفاق، وفي الثانية بخلاف، وهي في مصاحف أهل الشام مثبتة فيهما. انظر السبعة/ ٢٢١/، والحجة ٣/ ١١٣، والمبسوط/ ١٧٢/، والتذكرة ٢/ ٣٠٠، والنشر ٢/ ٢٤٥، وفي كتاب المصاحف/ ٥٤/: (جاؤوا بالبينات وبالزبر) في إمام أهل الشام والحجاز.
(٢) سورة النحل، الآية: ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>