للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} عطف على {يُنْفِقُونَ} داخل في الصلة؛ لأن الحال داخلة في الصلة من حيث كانت حالًا لما هو في الصلة.

فإن قلت: هل يجوز أن يكون حالًا من الموصول الذي هو {وَالَّذِينَ}؟ قلت: نعم إن جعلت {وَلَا يُؤْمِنُونَ} مستأنفًا، لأنك إن جعلت {وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} عطفًا على {يُنْفِقُونَ} على هذا الوجه كنت تفرق بين بعضِ الصلة وبعضٍ بحال الموصول؛ لأن الحالَ من الموصول غيرُ داخل في صلته، فاعرفه.

وقوله: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} (مَن) شرط مبتدأ وما بعده خبره، والفاء جواب الشرط. وساء: يستعمل استعمال بئس، وفاعله مضمر فيه، و {قَرِينًا} مُفسِّرٌ له، والتقدير: فساء الشيطان له قرينًا، أو فساء القرين له قرينًا الشيطانُ، حيث حَمَلَهُمْ على البخل والمراءاة وغيرهما من الأفعال المذمومة، ويحتمل أن يكون وعيدًا لهم بأن الشيطان يُقْرَنُ بهم في النار، وأصله في الشاة تُقْرَنُ بأخرى، أي: يُجعل قرنها إلى قرن الأخرى.

و{قَرِينًا} منصوب على التمييز، كما تقول: بئس صاحبًا.

{وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (٣٩)}

قوله عز وجل: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ} يحتمل أن يكون (ما) وحده اسمًا في موضع رفع بالابتداء، وخبره (ذا)، وذا بمعنى الذي، و {عَلَيْهِمْ} صلته، أي: وما الذي عليهم؟ وقد جوز أن يكون الذي مع صلته مبتدأ، وخبره (ما) قدم عليه لكونه استفهامًا. وأن يكونَا اسمًا واحدًا في موضع رفع بالابتداء وخبره {عَلَيْهِمْ}، أي: وأي شيءٍ؟ قاله الزمخشري (١).

والمعنى: وأيُّ تَبِعَةٍ وَوَبَالٍ عليهم في الإِيمان والإِنفاق في سبيل الله؟ !


(١) هو للنحاس ١/ ٤١٧ قبله. وانظر الكشاف الموضع التالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>