للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد الذم والتوبيخُ، وإلا فكل منفعة ومصلحة في ذلك (١).

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)}:

قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} (يظلم) فعل يتعدى إلى مفعولين (٢)، يقال: ظلمتُ فلانًا حقه، إذا نقصتَه، وأصله: وضع الشيء في غير موضعه، ومنه قولهم: (مَنْ أَشْبَهَ أباهُ فما ظَلَمَ) (٣).

و{مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}: مفعول ثان، والأول محذوف، أي: إن الله لا يظلم أحدًا ولا يظلمهم، على تأويل قول أبي إسحاق في جعله {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} مبتدأ، و {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ} الخبر على ما ذكرتُ ثَمَّ (٤).

مثقال: مفعال من الثِّقْل، والذَّرَّةُ: النملةُ الحمراء، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره (٥)، وهي أصغر النمل، تعضده قراءة من قرأ: (إن الله لا يظلم مثقال نملة) وهو عبد الله (٦) - رضي الله عنه -، وهي من ذَرَرْتُ (٧) الشيءَ أَذُرُّهْ ذَرًّا، إذا بددتَه مسحوقًا، عن الرماني.


(١) هذا من قول الزمخشري ١/ ٢٦٨.
(٢) قال ابن عطية ٤/ ١١٨: ويظلم لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد، وإنما عدي هنا إلى مفعولين بأن يقدر في معنى ما يتعدى إلى مفعولين، كأنه قال: إن الله لا ينقص أو لا يبخس أو لا يغصب. قال: ويجوز أن يكون (مثقال) نعتًا لمصدر محذوف، التقدير: إن الله لا يظلم ظلمًا مثقال ذرة.
(٣) انظر كتاب الأمثال لأبي عبيد / ١٤٥/ وفيه: قال الأصمعي: أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه، يقول: فإذا أشبه أباه فقد وضع الشَّبَه موضعه. وقال العسكري في جمهرة الأمثال ٢/ ١٩٩: والمثل قديم، وحكاه كعب بن زهير رضي الله عنه في بعض شعره.
(٤) انظر إعراب الآية (٣٧).
(٥) أخرجه الطبري ٥/ ٨٩ عن ابن عباس رضي الله عنهما وفيه: رأس نملة حمراء. وفي تفسير الماوردي ١/ ٤٨٨ عنه: دودة حمراء. وذكر ابن الجوزي ٢/ ٨٤ لها خمسة أقوال.
(٦) انظر قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أيضًا في الكشاف ١/ ٢٦٨ وتبعه في البحر المحيط ٣/ ٢٥١. لكن في المحرر الوجيز ٤/ ١١٨ هي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما.
(٧) في (ب) و (ط): (ذروت) بالواو، وما أثبته من (أ) و (د) وهو موافق لما جاء في المعاجم اللغوية، انظر الجمهرة ١/ ١١٧، والصحاح (ذرر).

<<  <  ج: ص:  >  >>