للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه بيان لـ {أَعْدَائِكُمْ} (١)، وما بينهما اعتراض.

والثالث: أنه خبر مبتدأ محذوف على وجه الاستئناف تقديره: من الذين هادوا قوم أو فريق يحرفون، فـ {يُحَرِّفُونَ} على هذا صفة للمبتدأ المحذوف، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، أنشد صاحب الكتاب رحمه الله في مثل هذا قوله:

١٥٨ - وما الدهرُ إلَّا تارتان فمنهُمَا ... أموتُ وأُخْرَى أَبْتَغِي العَيْشَ أَكْدخُ (٢)

أي: فمنهما تارة أموت فيها. أو هم من الذين هادوا، فـ {يُحَرِّفُونَ} على هذا الوجه وعلى الوجهين الأولين في موضع نصب على الحال من الضمير في {هَادُوا}.

وعن الفراء تقديره: مِن الذين هادوا مَن يحرفون (٣)، كقوله: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ} (٤) أي: مَن له، وتكون (من) على قوله موصوفة كقوم أو فريق لا موصولة؛ لأن الموصولة لا تحذف وتبقى صلتها، وقد حُكي عنه أنه جعل (من) موصولة و {يُحَرِّفُونَ} صلتها، وليس بشيء لما ذكرت آنفًا.

والرابع: أنه من صلة قوله: {نَصِيرًا} (٥) ومعمول له، أي: ينصركم من الذين هادوا، كقوله: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا} (٦)، و {فَمَنْ


(١) من الآية التي قبلها.
(٢) البيت لتميم بن مقبل، وبعده:
وكلتاهما قد خط لي في صحيفة ... فلا الموت أهوى لي ولا العيش أروح
وانظر الشاهد في كتاب سيبويه ٢/ ٣٤٦، والحيوان ٣/ ٤٨، والكامل ٣/ ١٠٩٦، والمقتضب ٢/ ١٣٨، ومعاني الزجاج ٢/ ٥٨، والمحتسب ١/ ٢١٢، والكشاف ١/ ٢٧١.
(٣) معاني الفراء ١/ ٢٧١.
(٤) سورة الصافات، الآية: ١٦٤.
(٥) من الآية السابقة.
(٦) سورة الأنبياء، الآية: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>