للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كقوله: يا ليتني] (١)، والمعنى: ليقولن المنافق لأصحابه المنافقين، كأن لَمْ يكن بينكم وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - مودة حين لَمْ يخرجكم لتنالوا من الغنيمة، ثم ابتدأ فقال: يا ليتني. وقيل: بل الجملة في موضعها ومحلها النصب على الحال من الضمير في {لَيَقُولَنَّ}، والتقدير: ليقولن كائنًا في صورة من انتفت المودة بينكم وبينه.

والمنادَى هنا محذوف تقديره: يا هؤلاء، أو يا قوم ليتني كنت معهم. وقيل: المنادى ليس بمحذوف، وإنما المنادى هو التمني، ونداؤه كنداء الحسرة والعَجَب إذا قلتَ: يا حسرتا، ويا عجبا، و {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} (٢).

وقوله تعالى: {فَأَفُوزَ} الجمهور على النصب في {فَأَفُوزَ} على جواب التمني بالفاء، وأنْ معها مضمرة لا تظهر، وقرئ: (فأفوزُ) بالرفع (٣)، على أنه خبر مبتدأ محذوف بمعنى: فأنا أفوز في ذلك الوقت، وهو داخل أيضًا في التمني كالكون، ويبعد أن يكون عطفًا على {كُنْتُ}، كما زعم الزمخشري (٤)، لاختلاف لفظهما، ولذلك نصب الجمهور على الجواب لكونه مصروفًا عن العطف محمولًا على تأويل المصدر، كأنه قيل: يا ليتني كان لي حضور معهم ففوز، اللهم إلَّا أن يريد عطف جملة على جملة لا الفعل على انفراده على الفعل؛ لأنَّ المستقبل لا يُعْطَف على الماضي.

{وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ


(١) من (د) فقط.
(٢) سورة يس، الآية: ٣٠. وكان في الأصول والمطبوع: (يا حسرة للعباد). وانظر أوجه الإعراب هذه في التبيان ١/ ٣٧٢.
(٣) نسبت إلى الحسن، ويزيد النحوي. انظر المحتسب ١/ ١٩٢، والمحرر الوجيز ٤/ ١٧٤.
(٤) الكشاف ١/ ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>