للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٨١)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} (طاعةٌ) خبر مبتدأ محذوف، أي: أَمْرُنا وشأنُنا طاعةٌ، أو بالعكس أي: عندنا أو مِنّا طاعةٌ (١). ولو نصبت على المصدر لجاز، أي: أطعناك طاعة (٢)، ونظيره قول صاحب الكتاب رحمه الله: وسمعنا بعض العرب الموثوق بهم يقال له: كيف أصبحت؟ فيقول: حَمْدُ اللَّهِ وثناءٌ عليه، كأنه قال: أمري وشأني حمدُ اللَّه، ولو نَصَبَ: حمدَ اللَّهِ وثناءً عليه كان على الفِعْل (٣). واختير ما عليه الجمهور وهو الرفع؛ لأنه يدلُّ على ثبات الطاعة واستقرارها.

وقوله: {بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} (بَيَّتَ) جواب قوله: {فَإِذَا}، وهو العامل في إذا. {غَيْرَ} مفعول (بيَّت)، والمستكن في {تَقُولُ} يحتمل أن يكون للنبي - صلى الله عليه وسلم - على أنَّ الخطاب له، وأن يكون للطائفة على معنى قَدَّرَتْ طائفةٌ وسَوَّتْ {غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} خلاف ما قلت وما أمرت به على جهة التكذيب، أو خلاف ما قالت وما ضَمِنت من الطاعة؛ لأنهم أبطنوا الرَدَّ لا القبولَ، والعصيانَ لا الطاعةَ، وإنما ينافقون بما يقولون ويظهرون، على ما فسر (٤).

واختلف في التبييت على وجهين:

أحدهما: أنه من البيتوتة؛ لأنه قضاء الأمر وتدبيره بالليل، يقال: هذا أمرٌ بُيِّت بليل.


(١) يعني طاعة تكون مبتدأً والخبر محذوف تقديره: عندنا أو منا. والوجهان ذكرهما الزجاج ٢/ ٨١، والنحاس ١/ ٤٣٧.
(٢) جوز الأخفش ١/ ٢٦٢ هذا الوجه، وحكاه النحاس ١/ ٤٣٧ عنه.
(٣) كتاب سيبويه ١/ ٣١٩ - ٣٢٠، وحكاه الزمخشري ١/ ٢٨٤ عنه.
(٤) كذا في الكشاف ١/ ٢٨٤. وكون الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - هو قول قتادة، والسدي. وكونه للطائفة هو قول ابن عباس رضي الله عنهما وابن قتيبة. انظر زاد المسير ٢/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>