للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه من أبيات الشعر؛ لأنَّ الشاعر يدبرها ويسويها، فاعرفه فإنه من كلام الزمخشري (١).

وقرئ: (بَيَّتَ طائفةٌ) بالإِظهار وفتح التاء على الأصل؛ لأنه فعل ماض ولا حاجة تدعو إلى الإِسكان، وبالإدغام (٢) لكونهما من مخرج واحد، وأُسْكِنَتِ التاء لأجله؛ لأنه لا يتأتَّى الإِدغام إلّا بعد إسكان المدغم. وَذُكِّر الفعل في كلتا القراءتين؛ لأنَّ الطائفة في معنى الفريق والفوج.

وقوله: {وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} (ما) تحتمل أن تكون موصولة وما بعدها صلتها، وأن تكون موصوفة وما بعدها صفتها، والراجع منها إليها محذوف، وأن تكون مصدرية فلم تحتج إلى العائد. والمعنى: أن الله تعالى يثبت ذلك في صحائف أعمالهم ليجازيهم عليه.

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} الهمزة للإِنكار والتوبيخ، ومعنى يتدبرون القرآن: يتفكرون فيه وفي معانيه وأوامره ونواهيه، يقال: تَدَبَّرَ الأمر، إذا تأمله ونظر في أدباره وما يؤول إليه في عاقبته ومنتهاه، ثم استُعمل في كلّ تأمُّلٍ.

وفي هذه الآية دليل واضح على وجوب تعلم معاني القرآن، والخوض فيه والبحث عن فوائده وعجائبه، ولغاته وإعرابه، وغير ذلك من علومه التي لا تحصي، ولا سبيل إلى معرفة حقائقه إلّا بمعرفة العربية.

وقوله: ر {لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} أي: لكان الكثير منه مختلفًا


(١) الكشاف في الموضع السابق.
(٢) يعني إدغام التاء بالطاء، وهي قراءة أبي عمرو، وحمزة. وقرأ الباقون بالأولى. انظر السبعة / ٢٣٥/، والحجة ٣/ ١٧٣، والتذكرة ٢/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>