للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متناقضًا. وإلاختلاف المنفي عن القرآن اختلاف التناقض والتفاوت، فأما اختلاف التلاوة كاختلاف وجوه القراءات، واختلاف [معانيها] نحو قوله: {فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} (١)، {كَأَنَّهَا جآنٌّ} (٢) {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (٣)، {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} (٤) وما أشبه هذا فليس بالاختلاف المذكور، وفيه كلام وتفصيل غير ذلك مما يطول الكتاب بذكره، ولا يليق ذكره هنا.

{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (٨٣)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {أَذَاعُوا بِهِ} أَفْشَوْهُ، يقال: أَذاعَ السِّرَّ إِذاعَةً، وأَذَاعَ به، بمعنًى وأحدٍ. قال الشاعر:

١٦٤ - أذاعَ به في الناسِ حتى كأنهُ ... بِعَلْياءَ نارٌ أُوقِدَتْ بِثُقُوب (٥)

يقال: ذاعَ الخبرُ يَذيعُ ذَيْعًا، وأذاعه غيرُه، ورجل مِذْياعٌ لا يستطيع كتمان الخبر.

فإن قلت: الهاء في {أَذَاعُوا بِهِ} إلى أي شيء يعود؟ قلت: قيل:


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٠٧، وما بين المعكوفتين ساقط من (د).
(٢) سورة القصص، الآية: ٣١.
(٣) سورة الحجر، الآية: ٩٢.
(٤) سورة الرَّحمن، الآية: ٣٩.
(٥) هو لأبي الأسود الدؤلي، وانظره في مجاز القرآن ١/ ١٣٣، والحيوان ٥/ ٦٠١، وجامع البيان ٥/ ١٨٠، ومعاني الزجاج ٢/ ٨٣، وجمهرة ابن دريد ١/ ٢٦٠، وأضداد ابن الأنباري / ٢١٤/، والأغاني ١٢/ ٣٠٥، والكشاف ١/ ٢٨٥، والمحرر الوجيز ٤/ ١٨٨. وقال ابن دريد: يروى بفتح التاء وضمها. ومعناه كما في شرح شواهد الكشاف ٤/ ١٠: الحلياء: الأرض المرتفعة. والثقوب: آلة تثقب بها النار فتشتعل. يقول: أفشى السر بين الناس حتى كأنه نار في أكمة عالية أُشعلت بالثقوب، فتكون أشد ظهورًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>